رحلة الربع الخالي – نوفمبر 2021

16 11 2021

بعد انقطاع عن رحلات الربع الخالي لمدة سنتين بسبب وباء كورونا، فقد تجدد لقائنا بتلك الصحراء الرائعة لهذا الموسم من خلال رحلة قصيرة لمدة ثلاث ايام

الرحلة كانت بتنسيق مجموعة البر من موظفي ارامكو في الظهران على ان تكون الوجهة جنوب حرض لمنطقة الشلفا وموقع سقوط النيزك (الحديدة). الهدف الرئيسي للرحلة اضافة الى الاستمتاع بالأجواء البرية، هو البحث عن رؤوس الاسهم والحراب التي كان يستخدمها الانسان في العصر الحجري كأدوات صيد للأسماك في البحيرات القديمة او لصيد الطرائد التي كانت ترد تلك البحيرات

تم لقاء المشاركين في الرحلة والبالغ عددهم 14 سيارة في الموقع المحدد قرب محطة غزالة جنوب هجرة ام اثلة ليلة الجمعة على ان تنطلق المجموعة صباح الجمعة باتجاه المناطق المحددة من قبل منسق الرحلة

السيارات المشاركة في الرحلة كانت 4 لاند كروزر وشاص غمارتين و 2 أف جي و 2 برادو و 2 سوكويا و 3 رنجلر وقد انطلقت جميعا من موقع التخييم الساعة 9:30 صباح من خلال الطريق الممهد جنوبا بأتجاه الشلفا. بعد قطع مسافة 30 كم انفصل وبشكل مفاجئ عامود توازن الدرقسون لاحد سيارات الرنجلر مما ادى به الى الانعطاف المفاجئ شمالا. لحسن الحظ لم تكن سرعته عالية ولم يكن فيه سيارات قادمة من الاتجاه المقابل. بعد تقييم الوضع تبين انه سبب الانفصال هو انحلال الصامولة بسبب المطبات وتم معالجة الامر بأن تطوع احد المشاركين للبحث عن تلك الصامولة وبالفعل وجدها على مسافة 2 كم والتي تبين انها غير اصلية. بعد ارجاع العامود وشد الصامولة  تم اتخاذ القرار بأن تترك السيارة في مكان آمن خلف أحد الكثبان الرملية والرجوع لها في طريق العودة وان يلتحق صاحبها بأحد المشاركين لتجنب تكرار المشكلة في عمق الصحراء

واصلت المجموعة الطريق في اجواء جميلة جدا والتوقف بين الفينة والاخرى عند البحيرات القديمة للبحث عما تكتنزه تلك القيعان من ادلة على انها كانت تعج بالحياة قبل عصور خلت، ولك مجتهد نصيب

العدد الهائل للسيارات المشاركة ووجود الكثير من الاطفال ومحدودية الخبرة لدى الكثير من المشاركين كان له اثر سلبي في سرعة الحركة والتنقل اضافة الى مضاعفة الجهد المبذول من قبل قائد الرحلة للسيطرة والقيادة، الا ان ذلك لم يحد من الاستمتاع بالأجواء البرية

الوصول الى الحديدة كان ضمن اهداف الرحلة وقد عقد العزم للذهاب للموقع في ثاني ايام الرحلة (يوم السبت) عند الظهر لأن قائد الرحلة كان يعتقد بأن المسافة المتبقية للوصل تقارب 49 كم، لكن هذا لم يكن دقيقا. فبحسب معلومات واحداثيات امتلكها عن الموقع من زيارات سابقة تبين ان المسافة المتبقية 102 كم. حينها تحدثت لقائد الرحلة وأطلعته على الامر، فرجع للجي بي اس الخاص به ليتبين له صحة كلامي، حينها نصحته بأن يتأكد ان جميع الاعضاء لديهم ما يكفي من وقود وأنهم قادرين على مواصلة السير بصورة حثيثة وأفضل لأن الكثبان الرملية باتجاه الحديدة تزداد صعوبة ونعومة

 حينها قرر قائد الرحلة الغاء الذهاب الى الحديدة لأن ما شاهده في اليوم ا لسابق من مستوى الخبرة لدى المشاركين لن يمكنهم من الوصول والعودة في الوقت المناسب على الاقل، فضلا عن المشاكل التي قد تحدث مع وجود الكثير من الاطفال وقد كان قرارا صائبا

  لذا استعضنا عن الذهاب للحديدة بالذهاب الى بير فاضل وبالبحث عن المزيد من البحيرات القديمة للبحث عن المزيد من رؤوس السهام والحراب

من الفعاليات الجميلة في هذه الرحلة كان التصوير بجميع انواعه وخصوصا بطائرات الدرون التى كانت توجد عند ثلاث اشخاص من المشاركين اضافة طبعا الى فعاليات شبة النار والتجمع حولها للحديث وتبادل المعلومات والخبرات وهذا ايضا من ميزات الرحلات بصورة عامة ورحلات الربع الخالي بصورة خاصة

لا شك ان رحلات الربع الخالي تعتبر وسيلة رائعة للتعرف على شخصيات جديدة عن قرب، لكن لهذه الرحلة ميزتها الخاصة جدا بالنسبة لي اذ اتاحت لي فرصة التعرف على شخص مميز ورائع وغير متوقع. فهذا الشخص ليس فقط رائع في اخلاقه ورائع في خبرته في الرحلات والسفر ورائع في استعداده وتجهيزه ورائع في تواضعه، بل تبين ان هذا الرجل تربطني به علاقة نسب ورحم. لا ابالغ اذا قلت ان هذا الرجل جعل من كل ساعة قضيتها في هذه الرحلة تشع بالحيوية والنشاط المنقط النظير، فهو يستيقظ من ساعات الفجر ويقوم بشب النار واعداد القهوة العربية والقهوة الاجنبية والشاي ويجلس بأريحية ونشاط وبجانبه التمر وكله شوق بأن يشاركه اي من اعضاء الرحلة ليشاطره تلك اللحظات الجميلة ويقدم له وبتواضع فنجان قهوة أو شاي. كما ان لهذا الشخص ميزة اخرى مهمة جدا في الرحلات وهي تصدره لتقديم المساعدة دون طلب، فهو الشخص الذي ذهب للبحث عن الصامولة عندما انفصل عامود توازن الدرقسون للرنجلر في بداية الرحلة وهو نفسه من قام على تركيبها، هذا عدى المساعدة في اخراج السيارات من الغراز

غادر الفريق موقع التخييم صباح الاحد بتركيز البحث عن البحيرات التي تقع على طريق العودة كسبا للوقت، لكن تخلل ذلك الكثير من الرابضات التي تسببت في غراز بعض سيارات المشاركين محدودي الخبرة مما استهلك الكثير من الوقت والجهد ومؤثرا على الوقت المخصص للبحث عن بحيرات

رحلات الربع الخالي اي كان نوعها وهدفها تتطلب العديد من المهارات وعلى المتصدر لقيادة أي مجموعة للقيام برحلة لتلك الصحراء المقفرة ان يكون ملم بها ومن تلك المهارات حسن اختيار المشاركين لاتمام الرحلة بصورة ممتعة وآمنه

اختتمت الرحلة بالتوقف لأخذ السيارة الرنجلر التي تعطلت في بداية الرحلة وبعدها استضافنا امير هجرة أم اثلة لبعض الوقت في مجلسه لشرب القهوة وتبادل اطراف الحديث. بعدها غادر الجميع مجلس الامير منهين رحلة مفعمة بالمتعة والاستكشاف





اجتياز الربع الخالي-فبراير 2019

25 02 2019

ان اتساع رقعة صحراء الربع الخالي البالغة قرابة 650 الف كم مربع تفرض على مرتاديها من المغامرين والمستكشفين تحديد الجزء المراد الوصول اليه من تلك الصحراء الهائلة اضافة الى التخطيط السليم وا لاستعداد التام لأنجاز تلك المهمة بصورة آمنة. فمساحة بهذا الحجم وطبيعة بتلك الوعورة لا يمكن لاي فريق مهما بلغت استعدادته ان يغطيها في رحلة واحدة

احد اهم الاسباب التي تجعل تغطية تلك الصحراء مستحيلة في رحلة واحدة هو توفير الوقود اللازم للسيارات المشاركة فضلا عن الماء والغذاء للمشاركين. فالسير في الصحراء فوق وبين الكثبان الرملية واجتياز الكثير من العقبات كالرباضات والكثبان العالية يضاعف استهلاك الوقود لسيارات الدفع الرباعي ويزيد العبئ على كل جزء في السيارة ويرفع من احتامالية تعطله

وخير مثال على هذا النوع من الرحلات والتخطيط ما قام به فريقنا في الفترة من 14 – 20 فبرياير 2019. فقد قام فريقنا المكون من 7 سيارات برحلة هي الاطول في تاريخ رحلاتنا للربع الخالي حتى هذا التاريخ من ناحية المسافة المقطوعة برا وعدد الايام. لقد تم تخطيط الرحلة لتدوم 7 ايام لإجتياز صحراء الربع الخالي من اقصى شماله الشرقي حتى جنوبها الغربي اي الدخول للربع الخالي من منطقة شيبه ثم الخروج منه في منطقة نجران وقطع مسافة تقارب 1300 كم برا

لإنجاز رحلة بهذه المدة وهذه المسافة في صحراء الربع الخالي فقد تطلب اولا تحديد الهدف من الرحلة والذي بدوره يحدد مسار الرحلة  وعلى اثره تتحدد المسافة المراد قطعها

كان الهدف الرئيسي لرحلة الفريق هو البحث عن آثار ومواطن الانسان القديم الذي استوطن اجزاء من صحراء الربع الخالي في الفترتين البالولثك و النيولثك. البالولثك هي فترة العصر الحجري ما قبل التاريخ الانساني التي تميزت بتطوير اصل الادوات الحجرية مثل رؤوس اسهم الصيد والفأس الحجري، وتلك الفترة كانت قبل عدة ملايين من السنين. اما فترة النيولثك فهي فترة العصر الحجري الجديد التي بدأت قبل 12000 سنة

الهدف الاخر للرحلة هو استكشاف مناطق جديدة لصحراء الربع الخالي للوقوف على معالمها وتشكيلات كثبانها الرملية والغطاء النباتي إن وجد لتلك الصحراء الهائلة

بعد تحديد الاهداف الرئيسية للرحلة و الاطلاع على بعض الخرائط وتدوين المواقع المراد الوصول اليها تحدد مسار الرحلة الذي يمتد لمسافة تقارب 1300 كم برا، وهذا يتطلب من كل سيارة ان تحمل مالا يقل عن 400 الى 500 لتر بنزين اضافة بالطبع الى ماتحتاجه من قطع احتياطية وما يحتاجه المشاركون من ماء وطعام لأتمام المهمة بيسر وسلام

مسار الرحلة يبدأ من شبيطة في منطقة شيبة وينتهي في منطقة نجران على الطريق المؤدي الى شارورة في اتجاه اغلبه جنوب غرب على ان يتم انجاز مالايقل عن 200 كم يوميا بما في ذلك التوقف عند المواقع المراد الوصول اليها او اي موقع مميز

انطلق الفريق صباح الرابع عشر من فبرياير من موقع التخييم قرب محطة شبيطة سالكا ردمية الكدان المتجه جنوبا ولمسافة 150 كم ثم الانعطاف للجنوب الغربي من خلال الكثبان الرملية ذات التسكيلات الرائعة والالوان الجميلة. من اهم المواقع التي توقف عندها الفريق هو قلمة عسيكره التي تتميز بوجود حوض كبير لتجميع المياه لتبريدها والتخلص من الكبريت المذاب ليتمكن البدو من استخدامها. كان ذلك الحوض الذي بدى وكأنه بركة مليئة بالمياه محفزا لبعض اعضاء الفريق للاستحمام وقضاء وقت ممتع بعد عناء القيادة. انهى الفريق يومه الاول بعد مغادرة قلمة عسيكره بعدة كيلومترات و التخييم بين الكثبان الرملية في اجواء معتدلة البرودة

اليوم الثاني كان ممتعا لناحية القيادة لأن المسار كان اغلبه محاذيا للكثبان الرملية واغلب القيادة كانت وسط وديان من الرمال التي تكثر بها النباتات البرية والاعواد المتكسرة التي تتطلب الكثير من الحذر للحفاظ على سلامة الاطارات. كان ملاحظا من اليوم الثاني للرحلة تغير لون الرمال وميلها للون الاصفر، كما ان الكثبان الرملية بدى شكلها يأخذ الشكل الطولي او ما يعرف بالعروق

خلال متابعة الفريق لمساره لهذا اليوم تفاجئ بوجود ردمية آتية من الشمال بأتجاه الجنوب وعند سؤال بعض الاعضاء بخصوصها تبين انها تؤدي الى الخرخير جنوبا. كما ان مسار الرحلة يمر عند قلمة جلاب التي وجدنها اطلال ولم يتبقى منها الا مبنى اسمنتي متكسر

خلال اليوم الثالث اخذ لون الرمال يبتعد كثيرا عن ما كان عليه في منطقة شيبه ويميل الى اللون الاصفر مع وجود الكثير من الرباضات التي تعتبر مصائد للسيارات لنعومة رمالها. كما ان مسار هذا اليوم مر عبر العديد من ما يعتقد انه بحيرات قديمة مما بعث روح الامل لدى اعضاء الفريق للبحث عن آثار الانسان القديم. اجواء هذا اليوم بدت اسخن من سابقها بسبب الرياح الجنوبية والمثيره للسافي على الرغم من تشكل بعض الغيوم في فترة الصباح

استيقض الفريق صباح اليوم الرابع على رياح وعواصف رملية شمالية متوسطة الى شديدة غطت خيم واغراض الاعضاء كما انها تسببت في ميلان السيارات بسبب الحفر التي نتجت تحت عجلاتها. استمر هبوب الرياح الشمالية بل واشتدادها طيلة هذا اليوم لكن ما خفف وطئة ذلك العناء هو مشاهدة الكثير من البحيرات القديمة الجافة مما اتاح للجميع فرصة جمع بعض رؤوس الاسهم التي كان يستعملها انسان العصر الحجري للصيد في تلك البحيرات قبل آلاف السنين ان لم يكن ملايين السنين، كما استطاع البعض من جمع العديد من الفؤوس الصخرية التي كانت متناثرة على ضفاف تلك البحيرات

تشكيلات الكثبان الرملية خلال مسار اليوم الرابع اصبح لونها اصفر واخذت شكل العروق المهيبة في ضخامتها و الممتدة طوليا من الشمال الى الجنوب ويفصل العرق عن الآخر وادي رملي فسيح يتخلله بعض البحيرات القديمة الجافة. ولكون مسار الفريق يتجه للجنوب الغربي، فحتمية اجتياز تلك العروق من وقت لآخر ضرورية على الرغم من صعوبة ذلك لشدة تعقيدها

اليوم الخامس للرحلة كان من اهم ايام الرحلة اذ اكتشف الفريق المزيد والمزيد من البحيرات القديمة الجافة قرب منطقة المندفن حيث استطاع جميع اعضاء الفريق من جمع عدد لابأس به من رؤوس الاسهم والحراب ما يثبت وبشكل جلي ان تلك المناطق كانت مستوطنا وملاذا لانسان العصر الحجري لاصطياد الطرائد التي ترد للبحيرات او تعيش فيها

من ضمن الاكتشافات لليوم الخامس كان مشاهدة بعض النقوش لكتابات وصور حيوانات في احد التشكيلات الصخريه لاحد الهضاب. كما شاهد الفريق العديد من اجزاء الشجر المتحجر ما يدلل على وجود بعض الغابات في منطقة المندفن في الجنوب الغربي للربع الخالي

انهى الفريق مساره المحدد  في اليوم السادس للرحلة بعد التوقف عند المزيد من البحيرات الجافة التي كانت لاتبعد كثيرا عن الطريق المعبد الواصل بين السليل وشرورة. كان واضحا ان تلك البحيرات قد اكتشفت من قبل آخرين لسهولة الوصول اليها من الطريق العام، لذلك لم نجد الا القليل جدا من رؤوس الاسهم

اليوم السابع كان طريق العودة للشرقية من منطقة المندفن او المثلث، لكن للاسف كان يوم عاصف وبارد جدا مع وجود غبار كثيف اغلب الطريق

لاشك ان مغامرة اجتياز الربع الخالي هذه تطلبت الكثير من التخطيط والتجهيز والاستعداد وصاحبها الكثير من الجهد والتعب والعناء، لكن ماتم الحصول عليه من المعرفة والاستكشاف لم يكن ليحصل لولا ذلك العناء






رحلة الربع الخالي _ديسمبر 2018

18 12 2018

على الرغم من كثرة الرحلات التي قمنا بها للربع الخالي والكم الهائل من الصور ومقاطع الفديو التي جمعناها، الا أن القيام بمغامرة اخرى يكاد يكون هو الخيار الامثل لشحذ روح المغامرة والاستكشاف والتحدي والمتعة لتلك الصحراء الرائعة

لاشك أن رحلات الربع الخالي محفوفة بالكثير من الصعاب والمخاطر ولا يقوم بها الا من يدرك ذلك ويستعد لها في سبيل الحصول على مبتغاه سواء كان للمتعة اوالمغامرة او الاستكشاف او حتى الصيد

وتاكيدا لما اسلفنا من شحذ لروح المغامرة والاستكشاف والتحدي فقد قمنا برحلة ،لا تخلو من المتاعب والمشاكل كما سنذكر، للجزء الجنوبي الشرقي للربع الخالي ولمدة اربعة ايام 13 – 16 ديسمبر 2018 في محاولة للوصول للاهداف التالي

فوهة بركان طيني

خور حميدان / ام الحيش

اعلى كثبان / قعد للصعود عليه

قلمة بيض اللحي

عدد السيارة المفترض مشاركتها في هذه الرحلة 9 سيارات تنطلق 8 منها من الظهران و واحدة من الاحساء بنهاية دوام الاربعاء 12 ديسمبر لتلتق في موقع محدد للتخييم بعد عدة كيلو مترات جنوب محطة شبيطة

مساء يوم الاربعاء وصلت جميع السيارات المشاركة لموقع التخييم عدا واحدة قادمة من الظهران حصلت لها مشكلة في طرمبة البنزين على مشارف الاحساء مما اضطر صاحبها لتحميلها على صطحة والرجوع بها للظهران والغاء مشاركته، فهذا اول الغيث من المشاكل لكن تبقى سهلة لانها حدثت داخل المدينه وليس في البر

صباح يوم الخميس والذي يعتبر اول ايام الرحلة انطلق المشاركين (8 سيارات) بأتجاه اول الاهداف وهو فوهة البركان الطيني من خلال القيادة على ردمية الكدان مسافة تزيد عن 80 كم ثم من خلال الكثبان الرملية. تقع هذه الفوهة للبركان الطيني في احد السبخات بين الكثبان الرملية وترتفع عن مستوى سطح السبخة عدة امتار. الناظر لهذا المرتفع من بعيد يدرك بأن شكله يشبه فوهة بركان وقد اكد لنا ذلك وجود احد مهندسي الجولوجيا المشاركين في الرحلة. يمكن قيادة السيارة من احد الجهات للفوهة للصعود عليها وكأنها تل جبلي

وصل الفريق لفوهة البركان الطيني الساعة 10:55 وبعد اخذ الصور وخصوصا الصور الجوية بالدرون التي كانت لدى بعض المشاركين غادر الفريق للهدف الثاني. كان مخططا الوصول للهدف الثاني من خلال مواصلة القيادة في الكثبان الرملية مرورا بالكثبان الجيبية (الفناجيل) لكن لصعوبة القيادة فيها ولكونها مستهلكة للوقت تقرر الرجوع لطريق الكدان والقيادة قرابة 100 كم ثم النزول في الكثبان الرملية. في هذه المنطقة تأخذ التشكيلات الرملية شكل القعدان المتصلة ببعضها ويبدأ ظهور السبخات التي تفصل بين سلاسل القعدان / الكثبان. بعد القيادة لعدة ساعات قرر الفريق التوقف للتخييم الساعة 4:15 عصرا منهيا اليوم الاول من الرحلة دون مشاكل او صعاب

الساعة 7:30 صباح الجمعة انطلق الفريق مواصلا طريقه نحو ام الحيش / خور حميدان من خلال القيادة على السبخات في اغلب الاوقات والكثبان الرملية احيانا للأنتقال من سبخة الى اخرى. القيادة على السبخات في الربع الخالي بالخصوص تعتبر من اصعب الامور سواء للسيارة او للسائق بسبب المطبات والغبار المتطاير لكن ذلك يهون مقارنة بما حدث لأحد السيارات المشاركة وهي من نوع جيب رنجلر. فبعد القيادة في احد السبخات بعد الانطلاقة بمسافة تقارب 90 كم وعند الساعة 11:00 توقفت فجأة. رجع باقي الفريق لمحاولة اكتشاف العطل ومعالجته. ضن بعض اعضاء الفريق  ان العطل بسبب عدم وصول البنزين لذلك حاولوا عمل توصيلات لايصال البنزين لكن دون جدوى. للأسف هذه السيارة اجريت عليها تعديالات كثيرة جدا شملت حتى تغيير المكينه، ولك ان تتخيل ماذا يتطلب ذلك من تعديدل او اضافات لكمبيوتر السيارة مما يصعب على اي من المشاركين ممن لديهم خبره بسيطة في الميكانيكا او الكهرباء من اكتشاف سبب الخلل ومعالجته

بعد ان بائت كل المحاولات لاصلاحها بالفشل تقرر سحب السيارة الى اقرب نقطة على ردمية الكدان، ولك ان تتخيل صعوبة سحب سيارة متعطلة في اعماق الربع الخالي. المشكلة هنا ليس سحبها في السبخات على صعوبتها، لكن الانتقال من سبخة الى اخرى الذي يتطلب القيادة فوق الكثبان الرملية وهذه مستحيل في مثل هذه الحالة. لذلك تقرر البحث عن اسهل الطرق التي يكون فيها الانتقال من سبخة الى اخرى ممكنا وهذا يعني قطع مسافات كبيرة على السبخات مما استهلك وقتا وجهدا كبيرين. وصل الفريق بالسيارة المسحوبة الى اقرب نقطة على ردمية الكدان الساعة 3:10 عصرا وصادف مرور سيارة شاص من القناصة وادلوا بدلوهم لإيجاد العطل دون جدوى. بعدها تقرر البحث عن موقع تخييم يسهل سحب السيارة اليه وكان في محيط قلمة الضعيف

تم نقاش تعطل السيارة ليلا في موقع التخييم بين افراد الفريق وتم الاتفاق على ترك السيارة في موقع التخييم ومواصلة الرحلة بحيث يركب صاحب السيارة مع احد المشاركين. بعد انهاء الرحلة يتم الرجوع لهذا الموقع وسحب السيارة على ردمية الكدان الى محطة شبيطة مع التنسيق مع احد السطحات للانتظار في شبيطة لتحميل السيارة الى الظهران

صباح يوم السبت انطلق الفريق بعد ترك السيارة المتعطلة بأتجها خور حميدان / ام الحيش الساعة 6:30 صباحا من خلال طريق اغلبه سبخات ومن اصعب السبخات من ناحية المطبات او كمية الغبار المثار بحيث يشعر السائق وكان السيارة تتفكك لقطع بسبب المطبات لكن كل ذلك يسهل في سبيل الوصول لهذا المكان الذي يعتبر من اجمل الاماكن في الربع الخالي

خور حميدان او ام الحيش ممكن يكون منتجع سياحي لو تبنته شركة سياحية حيث يوجد فيه اكثر من بحيرة مائية كبريتية ومصدر الماء وجود عين ماء يقال انها حفرت من قبل ارامكو. مصدر جمال تلك البحيرات وجودها بين كثبان رملية نجمية الشكل  وحمراء اللون مع وجود بعض الحشائش حول البحيرات والقليل من شجر النخيل

بعد قضاء قرابة الساعتين سباحة وتصويرا لهذه المنطقة الرائعة غادر الفريق بأتجاه الهدف التالي وهو اعلى كثبان رملي في المنطقة والذي بدأت اشعر وكأنه كثبان او قعد منحوس لسوء الاحداث التي تحصل فيه كما سيلي

الطريق من خور حميدان الى اعلى كثبان رملي كان من خلال اسوء سبخات عرفتها في كل رحلاتي للربع الخالي واستغرق 3 ساعات. كنت اعتقد للحظات بأنه لم يبقى برغي او صامولة في السيارة لم ينفك. كما ان كمية الغبار المتطاير يكاد لايصدق لدرجة اننا نشعر بأن حرس الحدود قد يكتشفون وجودنا من خلال الغبار المتطاير. على الي حال وصل الفريق لأعلى كثبان الساعة 1:30 ظهرا وقرر خمسة من المشاركين بالصعود الى القمة بسياراتهم

هذا القعد او الكثبان الرملي يأخذ شكل الكثبان الرملية المتراكبة ليكون كثبان رملي كبير ومرتفع جدا. لكن على الرغم من ارتفاعه الا انه يتميز بوجود طريق للوصول الى قمته من خلال الكثبان المكونه له، لكنه صعب جدا خصوصا على من لا يملكون الخبرة الكافية او المستجدين بالقيادة في كثبان الربع الخالي. انا شخصيا تمكنت من الوصول لقمة القعد مرتين في رحلتين مختلفتين. في الرحلة الاولى مرت الامور بسلام  وكل المشاركين تمكنوا من الصعود للقمة والنزول بأمان. لكن في الرحلة الثانية بعد ان صعد الجميع للقمة وتقرر النزول انقلبت سيارة احد الاشخاص من القمة الى احد الفناجيل لكن الحمد لله سلم من بداخل السيارة لكن السيارة لم تسلم وكل هذا حصل امام ناظري لأنني كنت انتظر دوري للنزول

في هذه الرحلة قررت عدم الصعود للقمة كما قرر شخصان آخران عدم الصعود لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية والاكتفاء بالوصول الى منتصف الطريق. بعد ان تناولنا وجبة الغداء نزل الجميع من قمة الكثبان عدا سيارة لنتفاجأ بنداء استغاثة من سائقها بأن سيارته اللاند كروزر انقلبت ليتكرر نفس الحدث في نفس المكان ومن نفس نقطة الانقلاب في الرحلة السابقة

لحسن الحظ ومن توفيق الله ان السائق والراكب لم يصبهم اي اذى على الرغم من عدم ربطهم لحزام السلامة. ايضا من حسن الحظ ان كل ما يتعلق ببقاء السيارة قابلة للقيادة والنزول من الاعلى وحتى قيادتها الى محطة شبيطة بقى يعمل. لكن بالطبع بدي السيارة والزجاجة الاممية وبعض الزجاج الجانبي والمرايات والانوار الخلفية والابواب والتنده جميعهم لم يسلموا

بعد جهد مضني تم ارجاع الكفرات التي تفسخت من الجنوط ونفخها والتخلص من الزجاج المكسور ثم قيادة السيارة الى اسفل الكثبان الرملي. حينها كان الوقت قرابة الساعة 4:30 لهذا تقرر الانطلاق نحو نفس موقع التخييم السابق والذي تتواجد فيه الرنجلر المتعطلة ليصبح اعلى كثبان رملي آخر الاهداف للرحلة على ان يبدأ الفريق طريق العودة صباح اليوم التالي

استغرق الوصول من اعلى كثبان رملي الى موقع التخييم قرب قلمة الضعيف قرابة 3 ساعات تخلل ذلك القيادة ليلا حيث وصل الفريق للموقع الساعة 7:30 مساء. خلال اجتماع اعضاء الفريق في المخيم تم التواصل عن طريق هاتف الثريا مع صاحب السيارة الذي لم يتمكن من المشاركة للتنسيق لارسال سطحتين لتحميل الرنجلر المتعطل والكروزر المنقلب من محطة شبيطة

على الرغم من اتمام التنسيق لحضور سطحتين لتحميل السيارتين، لكن يبقى الجزء الاصعب وهو سحب السيارة المتعطلة وقيادة سيارة منقلبه لا زجاج امامي لها على ردمية الكدان لمسافة 295 كم ولمدة تزيد عن 5 ساعات، لكن لا خيار غير هذا

انقسم الفريق الى قسمين، الاول يساير السيارة المقلوبة حيث وصل الساعة 12:00 ظهرا ليلحق به القسم الثاني المسئول عن سحب السيارة المتعطلة حيث وصل بعده بساعتين. بعد تحميل السيارتين على السطحات توجب توجه التي تحمل الكروزر الى مرور البطحاء للحصول على تقرير ليتمكن صاحبها من اصلاحها

رحلات الربع الخالي مليئة بالمتاعب والصعوبات فضلا عن الدروس والعبر وهذا جزء من متعتها طالما سلموا المشاركين وتعلموا منها

 





الكثبان الجيبية في الربع الخالي-فبراير 2018

19 02 2018

من المناطق المثيرة في الربع الخالي ،وكل الربع الخالي مثير، تلك التي تعرف بالكثبان الجيبية وهي على شكل فناجيل او احواض صغيرة متداخلة ومتقاطعة وتشكل مصيدة لمركبات الدفع الرباعي لنعومة رمالها وعشوائيتها

كما ان من خصائص تلك الكثبان الرملية انها تعتبر اختبار جيد لمهارات القيادة وفعاليات سيارات الدفع الرباعي بالاضافة الى متعة القيادة لهوات المغامرة والاستكشاف كمجموعتنا

ففي رحلة امتدت يومي نهاية الاسبوع قرر مجموعة مكونة من عشر سيارات القيام بمغامرة القيادة في تلك الكثبان الرميلة المثيرة وعلى الرغم من قصر الرحلة الا انها كانت مليئة بالتحدي والاثارة

مخطط الرحلة كان الانطلاق من مخيم قرب محطة شبيطة صباح الخميس والقيادة على ردمية طريق الكدان لبضعة عشر كيلومتر ثم الاتجاه غربا من خلال الكثبان الجيبية قرابة 170 كم كخط مستقيم ثم الاتجاه شمالا بأتجاه محطة بوابة الحصان قرابة 58 كم كخط مستقيم ايضا. بالطبع المقصود بالخط المستقيم هنا هو على جهاز تحديد المواقع / الجي بي اس، لكن الطريق في حقيقة الامر متعرج جدا من خلال الكثبان الرملية المتداخلة واستحالة العبور من خلال بعض الكثبان

عدد السيارة المرتفع نسبيا حتم تقسيم المجموعة الى قسمين لكل منهما قائدهما الخاص لتسهيل مهمة المناورة وكسب الوقت اضافة الى بعث روح التحدي بين المجموعتين لانجاز المهمة بأقل عدد من المشاكل والتغريز

لكن اجتياز هذا النوع من الكثبان الرملية في الربع الخالي يكاد يكون من المستحيل أن يمر دون مشاكل التغريز والتعليق وهذا ما يجعل من المهمة اكثر امتاعا واثارة للمشاركين، وهذا بالفعل ما حدث لعدد من السيارات في كلتا المجموعتين

التغريز في الرباضات والتعليق على روؤس الكثبان الرملية الحادة تكاد تكون من الامور الطبيعية التي تحدث لمرتادي الربع الخالي على اختلاف مهاراتهم في القيادة، لكن ما هو غير طبيعي على الرغم من حدوثه بعض الاحيان هو حصول بعض الاعطال الغير متوقعة للسيارات او حصول بعض الحوادث اثناء القيادة وهذا ما حدث لاثنان من المشاركين في الرحلة

فأحد المشاركين صاحب سيارة لاند كروزر موديل حديث تفاجأ بتعطل مضخة البنزين من خزانه الاضافي الى الخزان الرئيسي مما يعني اضطراره لنقل البنزين اما يدويا من خزانه الاضافي او الحصول على بنزين من المشاركين في حال نفاذ البنزين في الخزان الرئيسي. لم تكن تلك مشكلة كبيرة جدا لامكانية استعارة بنزين من بعض المشاركين، لكنها اضطرت منظمي الرحلة الى مراجعة مسار الرحلة لأختصار المسافة وتسريع الوصول لمحطة بوابة الحصان لأن البنزين المستعار بالكاد يكفي الوصول للمحطة

المشكلة الاخرى حدثت لصاحب سيارة اكستيرا حيث تفاجأ بسقوطه من قص رملي اثناء قيادته للسيارة بسرعة 40 كم بالساعة. فعلى الرغم من صغر القص الا ان مقدمة السيارة ارتطمت بالرمل مما تسبب في كسر وانحناء الصدام الالمنيوم الامامي وصاجة حماية المكينة الاستيل والرفرف الايمن وعلى اثره دفع بالراديتر بأتجاه المروحة مما تسبب في تعطلها لكن لحسن الحظ لم ينخدش الراديتر او تنكسر المروحة والافضل من هذا وذاك عدم حصول اصابات للسائق و المرافق ولله الحمد. توقفت المجموعة التي تتبعها السيارة المصابة لأصلاحها اما المجموعة الاخرى وبمجرد سماع الخبر على الرادو توقفت على بعد بضعة كيلومترات للانتطار فيما يتم اصلاح السيارة

اما فيما يخص اجواء الرحلة بصورة عامة فقد كانت الحرارة الى حد ما مرتفعة خلال النهار خصوصا تحت الشمس تصل الى 36 درجة مع رياح خفيفة مثير للسافي قليلا لكن خلال الليل فقد كانت معتدلة ومناسبة للنوم دون الحاجة لخيمة والسماء صافية طيلة الرحلة وهذا ديدن الاجواء في الربع الخالي في هذه الاوقات





مغامرات الربع الخالي-فبراير 2017

3 03 2017

ما أن يعتدل الجو  وتبدأ دراجات الحرارة بالانخفاض حتى يلوح الربع الخالي في افق المغامرين والمستكشفين وهوات الصيد ويتصدر قائمة مغامراتهم وتبدأ الاستعدادت والتخطيط لسبر اغوار تلك الصحراء الرائعة

ففي شهر يناير 2017 اعلن منسق الممجموعة ببداء الاستعداد للقيام بمغامرة جديدة لصحراء الربع الخالي والطلب ممن لديه الرغبة في مشاركة بالقيام بما يلزم من تجهيز للسيارة والحصول على الاجازة اللازمة لهذه المغامرة التي ستدوم خمسة ايام والتي حددت بأن تكون في اواخر شهر فبراير

بعد ان حدد التاريخ القطعي للرحلة بنهاية يوم 21 فبراير الى نهاية يوم 26 فبراير، وصل عدد السيارة المشاركة 9 سيارات حيث انطلقت في اوقات مختلفة ليتم تجمعهم في منطقة تخييم تبعد قرابة 10 كم من محطة شبيطة في منطقة شيبه بالربع الخالي

صباح الثاني والعشرون (الاربعاء) وبعد شرح موجز عن الرحلة لمنسق المجموعة ناقش فيها اهداف الرحلة التالية

السير على ردمية طريق الكدان جنوبا لمسافة 37 كم ثم الانعطاف جنوب – شرق وتخفيف هواء الاطارات

السير في منطقة الكثبان الجيبية (الفانجيل) قرابة 44 كم

 عبور الكثبان الكبيرة (القعدان) والتنقل بين السبخات

الوصول الى قلمة الصبيات

الوصول الى خور حميدان والسباحة في البحيرة

الوصول الى ما يعتقد انه ارفع كثبان رملي في منطقة شيبه

الوصول الى قلمة بيض اللحي

بعد الانتهاء من الشرح الموجز انطلقت المجموعة على ردمية طريق الكدان لتصل نقطة تخفيف هواء الاطارات ليبدء التحدي الفعلي للقيادة في منطقة الكثبان الجيبية (الفناجيل) والتي تعتبر من اصعب المناطق لوعورتها وتداخل كثبانها والتي تتميز بانحدارات مفاجأة ورمال ناعمة.

الكثير من الاحداث المثيرة حصلت في منطقة الكثبان الجيبية (الفناجيل) اذ تسببت في تغريز العديد من اعضاء المجموعة وبشكل قياسي ولا سيما قائد المجموعة كما تسببت في خروج الاطار من الجنط لاحد الاعضاء. لقد كان للونش الدور الاكبر في اخراج بعض السيارات لصعوبة تغريزهم. استغرق انجاز المسافة في منطقة الكثبان الجيبية (الفناجيل) وقت طويل جدا وفوق المحدد لأنجازها وهو اليوم الاول … لقد اختتمنا هذا اليوم بفسخ الكفر الامامي من الجنط لأحد السيارات ولهذا تقرر التخييم في نفس المكان

صباح اليوم التالي انطلقت المجموعة لأكمال ما تبقى من منطقة الكثبان الجيبية (الفناجيل) لتنجزها قرابة الساعة الواحدة ظهرا مما يعني تأخر 24 ساعة في جدول الرحلة. بعدها بدأ نوع آخر من التحدي وهو عبور الكثبان الرملية (القعدان) العالية صعودا ونزولا للانتقال من سبخة الى اخرى وهذا يتطلب الكثير من الحذر لشدة انحدارها والتوائها. كما ان الصعود الى قمم بعض الكثبان تطلب قدر عالي من العزم والقوة من السيارات لشدة ارتفاعها وهذا بحد ذاته شكل عائقا لأحد السيارات التي تبين انها تواجه مشكلة فقدان العزم، وهذا سبب آخر ساهم في تأخر جدول الرحلة. ومن بين الاحداث التي حصلت هذا اليوم حدوث بنجر لأحد السيارات التي لم يكن يحمل اطار احتياطي ثاني مما شكل ضغط نفسي وقلق في حال حدث بنجر آخر

صباح اليوم التالي وبعد انهاء ما تبقى من عبور للكثبان العالية (القعدان) توقفت الممجموعة في احد السبخات لنفخ الاطارات قليلا لأن اغلب القيادة ستصبح فوق السبخات الا ما ندر من عبور سهل فوق مسطحات رملية

القيادة فوق السبخات وعلى الرغم انه يبدو سهل اذ تصل السرعة فيها حتى 100 كم/س الا انه يتطلب الحذر ايضا اذ يوجد بها بعض المطبات والحفر التي تسببت بها شاحنات شركات تنقيب الغاز. كما ان كمية الغبار الناتجة من القيادة فوق السبخات كثيفة جدا مما تطلب من السيارات المشاركة ترك مسافة كبيرة جدا بين بعضهم او القيادة بصورة متوازية

على الرغم من مستوى الوعي والحذر لدى المشاركين لكن وقع ما لم يكن بالحسبان اثناء القيادة في السبخات. فقد وقعت احد السيارات المشارك وبسرعة عاليه نسبيا في احد الحفر الناتجة من شاحنات شركات تنقيب الغاز وتسبب في انفجار الاطار الامامي الايسر. مازاد الامر سؤا هو حدوث ذلك للسيارة التي فقدت اطارها الاحتياطي سابقا ولا تحمل اطار احتياطي آخر. واسواء من ذلك ان السيارة الوحيدة في المجموعة التي يمكن ان تقدم المساعدة كانت سيارة نيسان ربع لها نفس مقاس الاطار لكن بجنط مختلف. حينها كان لابد من محاولة اصلاح الاطار الاول، وهذا سبب اضافي في تأخر جدول الرحلة للاسف. جدير بالذكر ان السيارة التي فقدت عزمها استمرت على نفس المشكلة على الرغم من محاولة ايجاد بعض الحلول التي لم تفلح

بعد عدة اقتراحات ومحاولات تم اصلاح الاطار الاول و واصلت المجموعة طريقها حتى الوصول الى قلمة الصبيات التي لم تكن سوى مجموعة من الاعشاب اليابسة في وسط السبخة لان القلمة مسكره بالاساس، لذلك لم يكن مجدي التوقف عندها خصوصا مع كل ذلك التأخير في الجدول

تابعت المجموعة طريقها تجاه خور حميدان لتصل الساعة 5:45 مساء وتم التخييم فوق احد الكثبان القريبة. اثناء التخييم في خور حميدان ناقشت المجموعة التأخير في جدول الرحلة وما تبقى من اهداف مع وجود معوقات مثل فقدام عزم احد السيارات وحالة اطار السيارة التي لا يوجد بها اطار احتياطي. حينها تم الاتفاق على ان يكون خور حميدان هو آخر المحطات والغاء ما تبقى من برنامج الرحلة

 يوجد في منطقة خور حميدان كثبان رملية ضخمة جدا كغيرها من كثبان الربع الخالي, لكن ما يميزها هو شكلها النجمي الرائع وكأنها مجسمات وضعت بفعل فاعل وسط السبخات دون اتصالها ببعض … فسبحان من كونها

صباح اليوم التالي استقلت المجموعة سياراتها واتجهت نحو البحيرة للسباحة والاستمتاع بمياهها الكبريتية التي تحفها الكثبان الرملية من جميع الجهات. يوجد في خور حميدان اكثر من بحيرة لكن مصدر مياهها واحد وهو بئر ماء في البحيرة الرئيسية. كما يوجد عند حواف تلك البحيرات بعض الاعشاب البرية

بعد السباحة والاستجمام في البحيرة والتقاط الصور سلكت المجموعة طريق العودة من خلال السبخات حتى الوصول الى قلمة الضعيف الذي تصل اليه ردمية طريق الكدان. توقفت المجموعة في قلمة الضعيف لبعض الوقت حيث صادف تواجد سياراتان شاص من هواة القنص

الطريق من قلمة الضعيف الى شبيطة على ردمية الكدان طويل جدا ومتعرج وتغطيه بعض الرمال والقيادة عليه تتطلب الكثير من الحذر لتعرجه وانحداراته وكثرة الحصى. اثناء القيادة على الردمية وفي منتصف الطريق سمعنا نداء استغاثة من صاحب السيارة التي لا يوجد بها اطار احتياطي بأن الاطار الذي تم اصلاحه من قبل قد بنجر وهذا يعني عدم قدرته مواصلة السير ما لم يحصل على اطار. الحل الوحيد كان مواصلة احد السيارات الطريق الى محطة شبيط لفك كفر السيارة النيسان الربع من الجنط وتركيبه على جنط السيارة المتعطلة وهذا ما تم بالفعل على الرغم من الجهد والوقت الذي تطلب لأنجاز تلك المهمة

كانت مغامرة مليئة بالاحداث والتحديات والاثارة واحسن ما فيها القدر المكتسب من الخبرة والاستكشاف في اصعب صحاري شبه الجزيرة العربية

 





الربع الخالي-فبراير 2016

28 02 2016

إن التأثير الذي تتركه صحراء الربع الخالي في نفوس المغامرين والمستكشفين لهو اشد واقوى من أن تحده كثرة الرحلات وتكرارها حتى وإن كانت لنفس الاماكن. فطابع المغامرة والتحدي لتلك الرحلات كفيل بأن يبعث الدم من جديد في شرايين المشاركين لتكرار الرحلة وتكبد العناء المصاحب لها.

فبعد شهر من آخر رحلة للربع الخالي وتحديدا في يناير الفائت، شاركت مع مجموعة مكونة من ثلاثة عشر سيارة بمغامرة اخرى في اعماق الربع الخالي ولمدة خمسة ايام للوصول الى جزء من الاهداف السابقة ولكن من خلال مسارات وطرق مختلفة ليتحقق عنصر المغامرة والتحدي للرحلة.

الاهداف التي تم الوصول اليها كانت على النحو التالي

الوصول الى قلمة الطرفا والبحيرة المتكونه منها

الوصول الى خور حميدان

الوصول الى ما يعتقد بأنه اعلى كثبان رملي في شرق الربع الخالي

الوصول الى قلمة الضعيف

الوصول الى قلمة SRFH-801

جميع الاهداف السابقة سبق الوصول اليها والحديث عنها في تقارير سابقة في هذا الموقع ويمكن الرجوع اليها، ولكن نذكر هنا اهم ما تخلل هذه الرحلة من احداث خصوصا مع وجود هذا العدد الكبير من السيارات المشاركة.

الحدث الاول حدث في اليوم الاول من الرحلة واثناء السير في منطقة تعرف بالكثبان الجيبية وهي بالمناسبة من اصعب المناطق لكثرة الجيوب والفناجيل الرملية وتداخلها. الحدث وقع لقائد الرحلة اذ وقعت سيارته (نيسان بترول جديد) في فنجال/جيب رملي صغير قدر الله وستر بأنه لم يصب بأذى. فقد تطلب اخراجه وقتا وجهدا كبيرين بأستخدام الونش لأن مقدمة السيارة ضربت في الرمل.

الحدث الثاني وقع ايضا لسيارة قائد الرحلة حيث ولسبب غير معروف لا يمكن لها استخدام الدبل (لا ثقيل ولا خفيف) مما شكل مشكلة كبيرة جدا خصوصا اننا في منتصف الرحلة والقادم من الكثبان الرملية اصعب ويتطلب القيادة بالدفع الرباعي. لحسن الحظ كان معنا اثنان من المشاركين لهم باع لابأس به في الميكانيكا. انقسم الفريق الى قسمين، منهم من واصل المشوار نحو الهدف التالي (قلمة الطرفا) والقسم الآخر توقف لمحاولة اصلاح الخلل.

القسم الاول وصل قلمة الطرفا وامضى وقت طويل في انتظار القسم الآخر لكن ولقرب نهاية النهار واصل المشوار بالتنسيق مع القسم الاول والذي بالمناسبة تمكن من الوصول الى حل مؤقت وهو القدرة على التعشيق للدبل الثقيل فقط وبصورة يدوية … مما يعني ان السيارة اما دبل ثقيل او لا دبل على الاطلاق. كما ان هذا التحويل اليدوي يتطلب التوقف والانبطاح تحت السيارة لتوصيل الدبل الثقيل او فصله.

الحدث الاخر في هذه الرحلة كان لأحد المشاركين ممن ساهم في محاولة اصلاح قير سيارة قائد الرحلة وكانت سيارته من نوع نيسان باترول قديم. فعند وصوله لقلمة الطرفا وعلى حين غرة قاد سيارته بأتجاه السبخة المحيطة بالقلمة ظننا منه بأنها جافة ويستطيع المواصلة ولكن وللأسف كلما قاد السيارة اكثر كلما غرزت في السبخة اكثر حتى وصل بها الى منطقة تكاد تكون كلها ماء وطين حتى غاصت كفرات السيارة بالكامل في الطين. حينها اتصل بالجميع بالرادو لطلب المساعدة. كان من السهل على قائد الرحلة وسيارة اخرى تقديم المساعدة لانهم الاقرب اليه لكن كانوا بحاجة ماسة لحبال سحب اكثر ودواسات وادوات انقاذ اخرى. لذلك وصل النداء للمجموعة الاخرى فرجعت سيارة للأعانة في اخراج السيارة وكان ذلك بعد ان خيم الظلام. تطلب اخراج السيارة من تلك السبخة المالحة مالا يقل عن خمس ساعات من الجهد والتعب والغوص في سبخة حتى الركب.

المجموعة الاولى وبمجرد حلول الظلام قررت التخييم فيما المجموعة الثانية تنهي عملية الانقاذ. بمجرد الانتهاء من اخراج السيارة من السبخة قرر قائد الرحلة مواصلة الطريق ليلا نحو منطقة تخييم المجموعة الاولى التي وصلوا لها بسلام.

بعد اخذ قسط من الراحة وتناول العشاء، ناقش قائد الرحلة امكانية مواصلة الطريق ليلا نحو خور حميدان والذي لم يبعد اكثر من 43 كم. قسم وافق على الفكرة والقسم الآخر فضل البقاء خصوصا وان الوقت كان متأخر. وفعلا واصل قائد الرحلة الطريق ليلا مع من وافق بعد التنسيق مع من بقى على مكان ووقت اللقاء في منطقة خور حميدان.

كانت تلك اهم احداث هذه المغامرة والتي وعلى الرغم من الجهد والتعب المصاحب لها تعتبر غاية في الروعة والانجاز للكم المعرفي المتحصل من خلال احداثها.

 

 





عبور الربع الخالي-يناير 2016

20 01 2016

صحراء الربع الخالي كانت ولا تزال أحد اهم مصادر الاثارة والتحدي للمستكشفين وعشاق التحدي لكثافة رمالها وعلو كثبانها ووعورة طرقها إضافة الى اتساع رقعتها وبعدها الصارخ عن حياة المدينة، ومع ذلك لا يزال هذا الجزء من شبه الجزيرة العربية يشكل مصدر الهام للكثير من عشاق هذا النوع من المغامرة.

لو لم يكن للمغامر الا القيادة في تلك المناطق الوعرة والتوغل في كثبانها طلوعا ونزولا لكفى، فكيف اذا صاحب تلك المغامرة استكشاف لإماكن ومعالم تثري الكم المعرفي للمغامر … حينها تصبح تلك المغامرة ذات بعد استكشافي تستحق ما يبذل في انجازها من جهد واستعداد ومخاطرة وهذا بالفعل ما قام به فريقنا في الفترة من 8 – 12 يناير 2016 حيث شاركت اثنتا عشر سيارة في مغامرة استكشافية وعبور لجزء كبير من صحراء الربع الخالي بدأت من محطة بنزين شبيطة في منطقة شيبه وانتهت في محطة بنزين غزالة جنوب حرض منجزة قرابة 1100 كم داخل الصحراء.

إضافة الى طابع المغامرة للرحلة وعبور الربع الخالي, الا انها كانت تهدف الى استكشاف والوصول الى التالي

SRFH-801 استكشاف قلمة

استكشاف قلمة اخرى

الوصول الى اعلى كثبان رملي في منطقة شيبه

الوصول الى قلمة بيض اللحي

استكشاف قلمة أم قرون

استكشاف قلمة طويلة الخطام

استكشاف موقع تحطم طائرة قديمة لأرامكو

 S-679 استكشاف قلمة

الوصول الى أم الحديد – موقع سقوط النيزك

 الوصول الى بئر فاضل في منطقة الشلفا

انطلق المشاركون على دفعات بعد ظهر الخميس 7 يناير بأتجاه شبيطة في منطقة شيبه ليكتمل تجمعهم في شبيطة للتزود بالوقود ثم التخييم في موقع محدد مسبقا

صباح الجمعة اول ايام الرحلة الفعلي انطلق المشاركون سالكين طريق الكدان الممهد ولمسافة 141 كم تقريبا ثم التوقف لتخفيف هواء الاطارات استعداد للسير فوق الرمال وبين الكثبان بأتجاه الهدف الاول قلمة اس ار اف اج-801 .اثناء توقف المشاركين لتخفيف هواء الاطارات كانت لنا فرصة الالتقاء بمجموعة من هوات صيد الذين كانوا متوقفين لتخفيف هواء اطارات سياراتهم استعدادا لرحلة صيد بأستخدام الصقور وكلاب الصيد حيث دار بيننا وبينهم بعض الحديث و التقطنا بعض الصور معهم.

بدأت المغامرة والتحدي بالقيادة فوق تلك الكثبان الرائعة ذات التشكيلات الهندسية الفاتنة والتي تتطلب الكثير من الحذر بسبب تداخلها وارتفاعها وانخفاضها الذي يكون مفاجئ احيانا. استمر الطريق الى القلمة  قرابة ساعتان وهذا الوقت ليس لأن القلمة بعيدة جدا ولكن وعورة الطريق والكثبان الرملية وما يواجهه المشاركون من مشاكل التعليق والتغريز وخصوصا عندما يكون عدد السيارات بهذا الكم.

وصلنا القلمة  الساعة 12:00 ظهرا وكانت جاريه وشديدة الحرارة وكبريتيه ومائها ويصب من خلال هوز في حوض ليسرع من تبخر الكبريت ليتم الاستفادة منه من قبل البدو. بعد التوقف لبعض الوقت واخذ الصور غادرنا بأتجاه القلمة الثانية التي لم تكن بعيدة وتبين انها قد اغلقت تماما ولا اثر لها على الاطلاق سوى بعض الازفلت الذي يغطي موقعها. واصلت المجموعة طريقها فوق الرمال بعد القلمة الثانية صعودا ونزولا حتى الساعة 4:30 بعد العصر ليتم التوقف للتخييم وانهاء اول يوم من المغامرة والاستكشاف.

التخييم ليلا في صحراء الربع الخالي والجلوس حول النار والنظر الى السماء والاستمتاع بمشاهدة النجوم يعتبر جزء مكمل للرحلة كما يعتبر الجائزة التي ينتظرها المشاركين بلهف بعد عناء القيادة طول النهار.

صباح اليوم الثاني من الرحلة (السبت)، انطلق المشاركون بعد وجبة الافطار الساعة 8:15 بأتجاه الهدف الاكثر اثارة في الرحلة وهو الوصول الى ما يعتقد انه ارفع كثبان رملي في الربع الخالي ثم القيادة الى قمته. كما ان الطريق المؤدي لهذا الكثبان الرملي لا يقل صعوبة واثارة اذ يتطلب القيادة فوق كثبان رملية شديدة الارتفاع ثم النزول منها اضافة الى القيادة عبر العديد من السباخ التي تربط بينهم، وهذا النوع من الكثبان يسمى العروق.

المسافة المقطوعة من صباح هذا اليوم حتى العصر وقت الوصول لأعلى كثبان رملي كانت 101 كم من الكثبان الرملية الاكثر صعوبة وتعقيدا وقد تخللتها الكثير من المعوقات والتعليق والتغريز ونخص بالذكر حادثة خروج اطار احد السيارات من الجنط والذي يعتبر حدث طبيعي بسبب انخفاض ضغط الاطارات وطبيعة الرمال وزاوية ميلان المنحدرات.

القيادة بالسيارة الى قمة الكثبان الرملي الاعلى في الربع الخالي لم تكن بالعملية السهلة، فقد تخللتها الكثير من الصعوبات بسبب تعرج الطريق ونعومة الرمال وشدة الانحدار وخطورتها. كما ان الحماس والثقة بالقدرة للوصول للقمة لم تكن موجودة لدى بعض المشاركين الجدد ومع ذلك تم التغلب عليها جميعا وتمكن الجميع من الصعود. في السنة الماضية كان النزول من هذا الكثبان الرملي الهائل من الجهة الاخرى ممكنا لكن هذه السنة وبفعل الرياح التي غيرت من معالم قمة الكثبان لم نتمكن من النزل الا من نفس طريق الصعود والذي كان اكثر خطورة بسبب الانحدارات المائلة وكان ذلك نهاية النهار حيث تم التخييم في موقع مناسب في منتصف طريق النزول من الكثبان.

يبلغ ارتفاع هذا الكثبان الرملي قرابة الـ 290 متر فوق سطح البحر ويمكن من فوق قمته رؤية الكثبان الرملية المرتفعة المحيطة به والسباخ في منظر بانورامي لا مثيل له يأسر الالباب.

صباح اليوم التالي (الاحد) وبعد وجبة الافطار غادرنا موقع التخييم من عند اعلى كثبان رملي بأتجاه قلمة بيض اللحي هدفنا التالي. جزء من الطريق لقلمة بيض اللحي كان مشابه للطريق الى اعلى كثبان رملي بسب ارتفاع الكثبان الرملية وتعقيدها وتعرجاتها اضافة الى المرور من خلال سباخ كثيرة مثيرة للغبار. استغرق الوصول الى قلمة بيض اللحي قرابة الساعتان ونصف والمسافة المقطوعة 82 كم. قلمة بيض اللحي تعتبر محطة هامة في الرحلة من حيث طبيعتها اذ يوجد بها ماء كبريتي حار جاري على مدار الساعة وتقع بين كثبان رملية جميلة وبها مسطح اخضر تحفه العديد من اشجار النخيل مما يشكل واحة صغيرة في وسط رمال الربع الخالي. وتكمن اهمية الوصول اليها لأعتبارها محطة استجمام للمشاركين من خلا اخذ حمام دافئ وسط الصحراء وتحت السماء.

غادرنا قلمة بيض اللحي بأتجاه قلمة أم قرون التي تبعد قرابة 44 كم وعند الوصول اليها الساعة 4:00 عصرا تبين انها مشابة لقلمة بيض اللحي من حيث جريان مائها وحرارته وكمية الكبريت فيه، الا انه لا يوجد بها اشجار نخيل او غطاء نباتي كثيف. بعد قضاء بعض الوقت والتصوير عند القلمة غادرنا بأتجاه الهدف الاخر وهو قلمة طويلة الخطام

قبل مغيب شمس هذا اليوم وقبل الوصول الى قلمة طويلة الخطام ، توقف الفريق للتخييم منهين يوم حافل من المغامرة والاستجمام في ربوع صحراء الربع الخالي.

صباح هذا اليوم (الاثنين) واصل الفريق المسير بأتجاه قلمة اس-686 (طويلة الخطام) التي تبعد 73 كم من قلمة ام قرون. هذه القلمة يوجد بها ماء كبريتي حار جاري ويصب في حوض كما هو الحال في قلمة بيض اللحي وأم قرون. بعد توقف وتصوير انطلق الفريق نحو الهدف التالي وهو موقع تحطم احد طائرات ارامكو عام 1960. هذا الموقع سبق ان زرناه في السابق … راجع المقال

وصل الفريق لموقع تحطم الطائرة الساعة 12:15 ظهرا وكان مفاجئا لنا بروز اجزاء اكثر من الطائرة مقارنة بالزيارة السابقة وهذا بالطبع بفعل الرياح التي قد تبرز اجزاء او تطمرها. كما ابلى المشاركون بلاء حسنا في ابراز اجزاء اكثر من الطائرة بأزاحة كمية كبيرة من الرمل. بعد اخذ الصورة التذكارية الجماعية للمشاركين والسيارات، غادر الفريق موقع التحطم بأتجاه الهدف التالي وهو قلمة اس-696 التي وصلناها الساعة الرابعة بعد العصر. قلمة اس-696 كانت مغلقة ولا اثر لها سوى بعض المواسير المتناثره في المكان. بعد مغادرة موقع القلمة بـ 45 دقيقة توقفنا للتخيم ولحسن الحظ كانت الاجواء غائمة جزئيا ولكن باردة مما اتاح الفرصة لتساقط الامطار الخفيفة تلك الليلة

صباح اليوم الاخير من الرحلة (الثلاثاء) كان لنا موعد مع الهدفين الاخيرين في الرحلة وهما موقعان سبق ان زرناهم سابقا. الاول موقع أم الحديد وهو موقع سقوط نيزك والهدف التالي بئر فاضل. توقف الفريق عند هذان الموقعان لبعض الوقت وخصوصا موقع ام الحديد لجمع ما يتوفر من قطع النيزك والتصوير. طريق العودة بأتجاه الشلفا عند محطة غزالة هو كل ما تبقى من هذه المغامرة الشيقة للفريق حيث بدأ الساعة 2:30 بعد الظهر والوصول لمحطة غزالة الساعة 4:20 بعد العصر والمسافة المقطوعة 142 كم من السفوح الرملية التي تتخللها القليل من الكثبان الرملية المتوسطة الارتفاع.

ما يميز هذا النوع من الاستكشاف والمغامرة لعبور صحراء الربع الخالي وخصوصا عندما تبدأ من الشمال في شيبه الى الجنوب في منطقة الشلفا انها تعطي المشارك افضل فرصة لمشاهدة تنوع الكثبان الرملية من الناحية التشكيلية والالوان. ففي منطقة شيبه تكثر بها العروق الرملية شديدة الارتفاع والاحمرار، لكن كلما اتجهنا للجنوب فتشكيلة الرمال تصبح اقل ارتفاعا لكن يوجد بها الكثير من الجيوب والوديان الرملية كما تقل درجة احمرارها لتصل للون الاصفر المعتاد بمجرد الاقتراب من منطقة الشلفا

إن اتساع رقعة صحراء الربع الخالي تجعل منها مصدر لاينضب للمغامرة والاستكشاف لمن لديه روح التحدي والصبر





بحيرات الربع الخالي القديمة-ابريل-2015

7 04 2015

تتمتع مناطق صحراء الربع الخالي بخصائص تميزها عن بعضها من عدة جوانب. فعلى صعيد الطبيعة التشكيلية تختلف كثبانها الرملية من منطقة الى اخرى في الشكل والارتفاع واللون إضافة الى اختلاف النباتات وكثافتها. اما على صعيد الطبيعة التاريخية فبعض مناطق صحراء الربع الخالي كانت قبل عشرات آلاف السنين عبارة عن بحيرات مائية يعتاش عليها رجل العصر الحجري وهذا بالفعل ما تحققنا منه خلال رحلتنا الاخيرة للربع الخالي.

فعلى الرغم من ردائة الاجواء بسبب العاصفة الرملية التي ضربت معظم مناطقة شبه الجزيرة العربية، لكن شغفنا وولعنا بأكتشاف تلك البحيرات التاريخية كانا اقوى من ان تمنعه تلك الاجواء أو تثنيه طول المسافة وقصر المدة التي امتدت ليومي نهاية الاسبوع فقط.

فقد انطلق الفريق المكون من سيارتين متكلا على الله وراجيا بأن تتحسن الاجواء ليلة الجمعة بأتجاه حرض ثم مواصلة الطريق جنوبا بأتجاه آخر محطة بنزين في غزالة التي وصلناها الساعة العاشرة مساء للتزود بالوقود ثم المبيت تلك الليلة قرب المحطة

استيقض الفريق صباح الجمعة لينطلق شرقا لتبداء مغامرة الاستكشاف لتلك البحيرات التاريخية التي إن وجدت فسوف تكون بين الكثبان الرملية واضعين في الاعتبار ان بعضها قد طمرتها الرمال كليا او جزئيا

المسافة المنجزة داخل الصحراء لهذا اليوم الجمعة وحتى موعد التخييم الساعة الخامسة مساء كانت 130 كم، لكن كانت بحق مثيرة من الناحية الاستكشافية. فقد وجدنا العديد من البحيرات القديمة التي استدلينا عليها من خلال علامات منها لون وشكل التربة التي كان واضحا بأنها عبارة عن قاع لمنطقة تغطيها المياه منذ زمن بعيد. كما يوجد الكثير من القواقع والاصداف والقشريات المائية. كما ان بعض تلك البحيرات كان يكثر بها حجر الصوان الذي يستخدمه انسان العصر الحجري لعمل الحراب ورؤوس الاسهم والفؤس التي يستخدمها لصيد الطيور والاسماك والطرائد التي تكثر في او عند تلك البحيرات

لكن العلامة الاكثر قوة وإثارة وجود بعض من تلك الحراب ورؤوس الاسهم المستخدمة من قبل انسان ذلك العصر للصيد مما يثبت بشكل قاطع بأن مناطق الربع الخالي كانت منذ عشرات آلاف السنين تغطيها المياه وتنبض بالحياة

واصل الفريق بحثه في اليوم التالي (السبت) ليكتشف المزيد من تلك البحيرات التاريخية التي كانت مسرحا لصراع الفريسة والصياد قبل عشرات آلاف السنين.

إن هذا النوع من البحث والاستكشاف في صحراء الربع الخالي من اصعب المهام لما يتطلبه من وقت ومجهود وصبر والسير لمسافات طويلة على الاقدام لمعاينة التربة ونوع الاحجار، لكنه من جانب آخر مرضي ويشعر المهتم بالفخر والاعتزاز لما حققه واكتسبه من معرفة من خلال قرائته لتلك المعالم التي مضى عليها عشرات آلاف السنين





مغامرات الربع الخالي-2015

23 01 2015

لايزال وسيستمر الربع الخالي احد اهم مصادرة الاثارة والتحدي والمغامرة للكثير من الرحالة والمستكشفون والمغامرون لإحتواه على الكثير من المعالم الجغرافية الفريدة في تنوعها والرائعة في جمالها والوعرة في الوصول اليها.

ولإكتشاف تلك الفرادة في التنوع والاستمتاع بذلك الجمال الأخاذ للربع الخالي فذلك يتطلب ركوب المصاعب وتحدي وعورته كما فعل فريقنا في الفترة بين 13 – 18 يناير 2015

فبعد تخطيط مسبق لأكثر من شهر قام فريقنا المكون من ثمان سيارات القيام برحلة/مغامرة للربع الخالي لأحلى منطقة فيه وهي المنطقة الشمالية الشرقية التي تتميز بوجود احلى وارفع واعقد كثبان رملية التي تتخللها الكثير من السباخ وقد حدد لهذه المغامرة ستة اهداف على النحو التالي

الوصول الى قلمة بيض اللحي والسباحة بمياهها الكبريتية الساخنة

الوصول الى بئر أم الاثل

الوصول الى بئر الطريفا

الوصول الى قمة اعلى كثبان رملي

الوصول الى خور حميدان والسباحة في احد بحيراته

الوصول الى قلمة الطرفا والسباحة في بحيرتها الكبربيته الساخنة

ولإنجاز تلك الاهداف والوصول الى تلك المواقع المترامية والبعيده عن بعضها تطلب ذلك ستة ايام لقطع 1200 كم برا واستهلاك مالا يقل عن 420 لتر بنزين لكل سيارة.

انطلق اعضاء الفريق يوم الثلاثاء 13 يناير على دفعات بعد الظهر بأتجاه منطقة شبيطة آخر محطة بنزين ثم اللقاء في موقع حدد مسبقا بين الكثبان الرملية بالقرب من محطة شبيطة للمبيت اول ليلة. كنت أول الواصلين لشبيطة الساعة 5:30 مساء، فبعد التزود بالوقود توجهت الى موقع التخييم المحدد لكن تفاجأت بوجود مخيم لأحد الامراء من آل جلوي بالقرب من موقع تخييمنا آتون للقنص. فقد علمت بذلك عندما حضرت سياراتان لموقعنا والتحدث معي والاستفسار عن سبب وجودي. فبعد اخبارهم بطبيعة رحلاتنا وان بقية الفريق في طريقهم للموقع وعلى دفعات خلال الليل طلب مني تغيير الموقع لإلا يتسبب ذلك في ازعاج مخيم الامير. كانت وجهت نظرهم معقولة لأن باقي الاعضاء سيصلون متفرقين وقد يتأخرون الى منتصف الليل، لذلك غيرت موقع التخييم بعد الاتصال بقائد الفريق والتنسيق معه لايجاد موقع آخر.

صباح الاربعاء، الرابع عشر من يناير 2015 كان اول يوم فعلي للرحلة حيث استيقض اعضاء الفريق صباحا على اجواء شتوية باردة وضباب شديد ليدور حديث عن ماهية ما حصل الليلة السابقة من تغيير لموقع التخييم وطبعا كانت اغلب الاسئلة موجهة لي لأني اول الواصلين للموقع الاول. كما تبين ان سيارة احد المشاركين وهي من نوع لاند كروزر حصلت لها مشكلة في ماسورة الردييتر السفلي مما تسبب في تأخيرنا لبعض الوقت لحين اصلاحه في شبيطة.

انطلق الفريق بعد اصلاح ماسورة الردييتر بأتجاه اول الاهداف “قلمة بيض اللحي” مستفيدة من طريق ردمية “الكدان” ولمسافة 135 كم ثم التوقف لتخفيف هواء الاطارات استعدادا للسير فوق الكثبان الرملية وكان الوقت حينها 9:40 صباحا. بعد السير لمسافة قصيرة فوق الرمال اخذت حرارة السيارة التي صار لها مشكلة ماسورة الردييتر في الارتفاع وعند الساعة 10:30 وصلت النقطة الحمراء، حينها تقرر عدم مشاركتها في الرحلة لما ينتظرها من مشوار ووعورة اكثر. حينها تقاسم باقي الفريق اغراض صحباها ثم ارجاعها الى منطقة آمنه بين الكثبان الرملية والتحاق صاحبها مع احد الاعضاء ليصبح عدد السيارات المشاركة سبع سيارات بدل ثمان. كان قرار صائبا عدم مشاركة هذه السيارة ونحن في بداية المشوار.

الطريق الى قلمة بيض اللحي كان رائعا ومليئ بالتحديات اذ الكثبان الرملية شديدة التداخل وتكثر بها الجيوب التي تتطلب الحذر كما ان طريقها يعتبر طريق مسلوك لكثرة رواده من محبي قنص الارانب ويؤدي الى منطقة يطلق عليها الرملة المشهور للقناصة.

وصلنا قلمة بيض اللحي الساعة 4:30 عصرا وهو الوقت المناسب لعدم وجود البدو ممن يتزودون بالماء قاطعين ما يقارب 150 كم . كان الموقع كما عهدناه في الرحلة السابقة عام 2013، بل افضل حيث وضع في حوض السباحة مفرش بلاستك ازرق مما جعل الحوض يبدو وكانه بركة سباحة وكان الماء يجري فيه صافيا فلم نتمالك انفسانا حتى لبسنا ملابس السباحة والقفز في تلك المياه الكبربيتية الساخنة جدا لنحصل على افضل شور في ربوع الربع الخالي. بعد السباحة والتصوير اخذنا جولة حول المكان الذي بدى بحق واحة غناء بين الكثبان الرملية الحمراء الساحرة التي تزينها اشجار النخيل والكثير من النباتات البرية والمياه الكبربيتيه تنساب بينها مشكلة جداول غاية في الجمال. بعدها وقبل مغيب شمس الاربعاء توجهنا للبحث عن موقع تخييم بالقرب من القلمة.

صباح الخميس الخامس عشر من يناير 2015 انطلق الفريق نحو الهدف الثاني والثالث وهما بئر ام الاثل وبئر الطريفا من خلال وديان رملية كبيرة تتخللها الكثير من المنحدرات المرتفعة. وبعد قطع ما يقارب 55 كم تحول اسلوب السير الى المرور بين التقاء سلاسل الكثبان الرملية وقطعها وهذا ليس بالامر السهل اذ يتطلب الكثير من الصعود والنزول للبحث عن أفضل طريق وبعدها السير في السبخات الى نقطة التقاء سلسلة كثبان اخرى وتكرير ما سبق. استمر ذلك لمسافة تقارب 45 كم حتى وصلنا الى بئر ام الاثل الساعة 12:04 ظهرا ووجدنها خاوية ومغلقة ولا اثر حتى لماسورة ماء عدى وجود القليل من شجر الاثل. بمجرد التقاط بعض الصور التذكارية غادرنا الموقع نحو بئر الطريفا الذي وصلناه الساعة 13:02 ظهرا وكان جاريا ويصب في حوض لكن مستوى الكبريت والملح كان منخفضا جدا.

واصل الفريق السير نحو الهدف الرابع “اعلى طعس” ولمسافة تقارب 140 كم من خلال الكثير من التقاء سلاسل الكثبان الرملية وصعودها ثم النزول منها للسير في السبخات التي بدت ناشفة جدا والسير فيها يثير الكثير من الاتربة والغابر لإضطرانا السير بسرعة عالية قد تصل الى 100 كم/س لتفادي الغراز. لك ان تتخيل سبع سيارت تسير بهذه السرعة وكمية الغبار خلفها في وسط الصحراء … لقد بدى المشهد وكانه رالي سباق لا يقل عن الراليات العالمية.

بما ان الموسم هذا موسم مقناص فقد شاهدنا في هذا اليوم سيارات قناصة وكلاب السلق تحوم بحثا عن طرائدها الارانب البرية.

قبل غروب شمس الخميس توقف الفريق للبحث عن موقع تخييم في احلى كثبان رملية في الربع الخالي لتمضي ليلة الجمعة بعد عناء ومشقة السير في هذا اليوم. من اجمل اللحظات في الربع الخالي فترة ما قبل الغروب اذ يحلو التصوير والتأمل والاستمتاع بمناظر الكثبان الرملية الهائلة والشاهقة.

صباح الجمعة السادس عشر من يناير 2015 واصل الفريق الطريق الى اعلى طعس ولحسن الحظ ومما اكسبنا وقت ان اجزاء من الطريق فوق الكثبان الرملية المؤدية لأعلى طعس كانت معدلة ببلدوزر من قبل شركات التنقيب عن الغاز مما سهل عملية الصعود التي بدت مناظر الكثبان الرملية تأخذ الاباب. استمر الطريق المعدل الى بدية الصعود لأعلى طعس حينها بدئ التحدي الحقيقي ليس للقائد المركبة فقط بل للمركبة ايضا. فالطريق للاعلى متعرج ورماله ناعمة ويزداد صعوبه عندما يكون دورك متأخر في الصعود، حينها يصبح الرمل معفور وغير مستوي ليشكل عائق للسرعة واكساب السيارات العزم المناسب. لكن وبتوفيق من الله تمكنت جميع السيارات من الصعود لتتربع على اعلى طعس رملي والذي يصل ارتفاعه الى 290م حيث امكن رؤية الكثبان الرملية المحيطة بكل سهولة على مد البصر. كان بحق منظر اقل ما يقال عنه رائع وآسر ومهيب.

امضى الفريق وقت ممتعا فوق الطعس لأخذ احلى الصور والاستمتاع بتلك المشاهد الاخاذة ليبداء التحدي الأخر وهو النزول من سفح الطعس في الجانب الآخر. منظر سفح الطعس بدى مخيفا ومهيبا حقيقة وعند نزول اول سيارة وهي سيارة قائد الرحلة بدت في نهايت السفح وفوق السبخة صغيرة جدا مما زاد من رهبة النزول لكن عزيمة وارادة الفريق لم يهزمها هول المشهد فتمكن الجميع من النزول وبسلام ولله الحمد.

منظر نزول السيارات من الاعلى كان رهيبا جدا حيث بدت السيارات صغيرة جدا ويستغرق نزولها وقتا طويلا لطول مسافة السفح التي تقدر بـ 300

بعد ان اكتمل الفريق بعد النزول واصل طريقه نحو الهدف الخامس وهو “خور حميدان” والذي يصح لي ان اطلق عليه منتجع خور حميدان لجماله وروعته. لكن توقف الفريق لبعض الوقت لنفخ اطارات السيارات قليلا لأن اغلب الطريق للخور سيكون سبخات تمتد لعدة كيلومترات بين الكثبان الرملية ذات الاشكال النجمية التي تميز بها منطق خور حميدان.

المسافة من اعلى طعس حتى خور حميدان تقارب 150 كم من تلك السبخات الجافة الخشنة المثيرة للاتربة والغبار. كما شاهدنا في الطريق الى خور حميدان لوحتان احداه تدلل على موقع ذعبلوتن الحدودي واخرى تحذر من ان المنطقة حدودية ويمنع الاقتراب وهذا طبيعي لان خور حميدان يبعد عن الحدود العمانية قرابة الـ 40 كم.

وصل الفريق لمنطقة خور حميدان الساعة الواحدة ظهرا وايضا هذا وقت مناسب لان اغلب من يتزود بالمياه من البدو يأتون في الصباح الباكر مما اتاح لنا فرصة الاستحمام والاستمتاع بتلك المناظر الخلابة للبحيرات المتكونه والتي تحفها الكثبان الرملية الحمراء من كل جانب. كما يوجد حول البحيرة الرئيسية الكثير من اشجار النخيل ومصدر مياهها عين ماء كبريتية لكنها اقل حرارة بكثير من قلمة بيض اللحي. بعد السباحة والتصوير توجه الفريق الى موقع قريب من الخور فوق احد الكثبان الرملية لتناول الغداء والصلاة وبعدها تم تخفيف هواء الاطارات استعدادا لمواصلت الطريق نحو الهدف الاخير وهو قلمة الطرفا.

انطلق الفريق لقلمة الطرفا بسرعة عاليه وسط السبخات حيث تشاهد قطارات من الاتربه والغبار من على بعد عدة كيلومترات وبين الفينة والاخرى نضطر لقطع نقاط التقاء سلاسل الكثبان الرملية والصعود عليها ثم النزول منها للانتقال الى السبخة الاخرى.

المتأمل لتلك الجبال الشاهقة من الكثبان الرملية وهندستها الربانية الرائعة وخلو تلك السبخات من اي اثر لتلك الرمال يضن للوهلة الاولى بأن تلك الكثبان ما هي الا مجسمات من الرمل احضرت من كوكب آخر ووضعت هناك … انها فعلا اعجاز رباني يجعل المشاهد ينحني إجلالا لخالقها ويلهج دون كلل بتسبيحه.

واصل الفريق السير حثيثا نحو قلمة الطرفا آخر الاهداف حتى بعد غياب الشمس وتذوق متعة السير ليلا بين تلك الكثبان الرملية حتى وصلنا القلمة ليلا قرابة الساعة السابعة مساء والتخييم فوق احد الكثبان الرملية المطلة عليها. بعد تناول العشاء في اجواء معتدلة البرودة قرر بعض من اعضاء الفريق ومحبي التصوير التوجه سيرا على الاقدام للبحيرة الرئيسية المتكونة من جريان القلمة لاخذ الصور الليلة لسماء الربع الخالي الصافية.

صباح السبت السابع عشر من يناير 2015 انطلق الفريق بأتجاه البحيرة الرئيسية المتكونة من جريان القلمة للاستحمام بمياهها الكبريتية الساخنه جدا وملوحتها العالية. البحيرة الرئسية واقعة في وسط سبخة وبسبب استمرار جريان المياه على مدى سنين عديدة تشكلت بحيرة ملحية كبيرة حولها. قلمة الطرفا هي احد آبار الماء التي حفرتها ارامكو ليستفيد منها البدو ثم اغلقت، لكن وبفعل الملوحة اخذ الماء يتسرب منها.

بعد قضاء وقت ممتع عند قلمة الطرفا والسباحة والتصوير غادر الفريق القلمة الساعة 9:30 صباحا بأتجاه العودة من خلال السبخات العملاقة ومرورا بألتقاء سلاسل الكثبان الرملية للانتقال من سبخة الى اخرى. القيادة على السبخات شكل عبأ كبير ليس على السائق فقط بل على السيارة ويعتبر اختبار قدرة على مدى تحمل السيارة ومتانتها. فبعض السبخات إما شديدة الجفاف وخشنة والسير عليها كما السير على صخور وبعضها هش ويتكسر تحت عجلات السيارة بحيث تغوص حتى عمق 30 سم.

اكمل الفريق السير حتى غروب يوم السبت ليتم التخييم فوق الكثبان الرملية الجيبية التي شكلت بداية الطريق الرملي ونهاية السبخات. كانت ليلة رائعة معتدلة البرودة وسماء مكتضة بالنجوم تكاد الايادي تلامسها من شدة وضوحها.

الساعة 8:45 صباح الاحد الثامن عشر من يناير 2015 كانت انطلاقة الفريق لأكمال طريق العودة وبداية آخر تحد وهو السير فوق وبين احد اصعب الكثبان الرملية وهي الكثبان الجيبية. هذا النوع من الكثبان الرملية متوسطة الارتفاع ولكن متداخلة وتشكل فجوات صعبة التوقع ورمالها اكثر نعومة. ما زاد من صعوبتها كثرة الشجيرات البرية اليابسة التي تشكل عائق اثناء القيادة ولكسب الوقت حددت سياراة صاحبنا المتعطلة لتكون الوجهة.

كانت رحلة موفقة الى ابعد الحدود اذ لم يتخلل الرحلة اي نوع من المشاكل المؤدية لضياع الوقت كالتغريز بل على العكس كان السير سريع وحثيث مما كان له بالغ الاثر في توفير الوقت لدرجة اننا انجزنا الوصول لكل الاهداف في خمسة ايام بدل ستة كما كان مخطط. فوصل الفريق الى نقطة الانطلاقة على طريق الكدان قرب السيارة المتعطلة الساعة العاشرة صباح الاحد لتستكمل مغامرة من مغامرات الربع الخالي المثيرة.

 

 





الكثبان الرملية الجيبة في شيبه – نوفمبر 2014

2 12 2014

تتميز صحراء الربع الخالي وبسبب كبر مساحتها بوجود تنوع فريد من الكثبان الرملية ذات الاشكال الهندسية المتباينة في حجمها واشكلها وارتفاعها وحتى في الوانها. وكل نوع من تلك الكثبان يتطلب مستوى واسلوب معين من التعامل والحذر من قبل هوات القيادة في تلك المناطق.

فمنطقة شيبة الواقعة شمال وشمال شرق الربع الخالي على سبيل المثال تكثر بها كثبان رملية تعرف بالكثبان “الجيبة”، اي انها تشكل من خلال تداخلها وترابطها جيوب وان كانت متوسطة العمق الا انها خطرة وصعبة التوقع اذ تتطلب حذر شديد وتميز في القيادة والمناورة والتركيز من قبل السائقين.

ففي عطلة نهاية الاسبوع (28 – 29 نوفمبر 2014) كان لنا فرصة المشاركة مع مجموعة من هوات المغامرة والرحالات لزيارة منطقة الكثبان الرملية الجيبية في شيبه والاستمتعاع بالقيادة فوق كثبانها المميزة. فبالرغم من قصر المدة وطول المسافة، الا أن روح المغامرة وروعة المكان تكفلا بتذليل تلك الصعاب.

انطلقت المجموعة المكونة من 8 سيارات بعد نهاية دوام الخميس وفي اوقات مختلفة كل بحسب ارتباطاته ليلتقوا في منطقة محددة شمال طريق شيبة بالقرب من احد السبخات للتخييم ليلة الجمعة. الهدف من التخييم في تلك المنطقة قرب السبخة كان لاجل استكشافها وخصوصا التشكيلات الصخرية المحيطة.

صباح الجمعة وبعد تناول الافطار انطلقت المجموعة لأستكشاف التشكيلات الصخرية للمنطقة ثم التوجه الى منطقة في وسط السبخة تكثر بها الاعشاب لمعرفة مصدر المياه المنسابة على سطح الارض. من الواضح ان التشكيلات الصخرية كانت مغطاة بالمياه في الزمن القديم حيث كان اغلبها كلسية وملحية وعوامل التعرية وخاصة الرياح قد ابدعت في نحتها لتصبح مجسمات هندسية جميلة. اما بخصوص المياه المنسابة على الارض في السبخة تبين ان مصدرها عين ماء طبيعة.

لم يكن استكشاف منطقة السبخة بالهدف الاساس في الرحلة لذا غادرنها بسرعة الساعة 09:30 بأتجاه الهدف الرئيس – الكثبان الجيبية في شيبه. وصلنا شبيطة الساعة 11:25 للتزود بالوقود قبل بداية المغامرة لكن حدث ما لم يكن بالحسبان. فأحد المشاركين اوقف سيارته اما بقايا هيكل حديدي لما يشبه السطحة وللأسف اما لسوء تقدير أو نسيان انطلق بسيارته للامام فوق الهيكل وعلقت فوقه لتصبح وكأنها محمولة عليه. أبلى المشاركين بلاء مضن وحسن ولمدتة ساعتين في تخليص السيارة بأستخدام الرافعات والونش, ولحسن الحظ تكللت الجهود بالنجاح دون خراب السيارة ولله الحمد.

بدأت المغامرة بتخفيف هواء الاطارات بالقرب من شبيطة بأتجاه الجنوب الغربي واستمرت حتى الساعة الرابعة والربع ليتسنى للمجموعة إختيار موقع مناسب للتخييم ليلة السبت والاستمتاع بغروب الشمس في تلك الكثبان الجميلة. تخلل تلك الساعات القلائل من اليوم الاول بعض التغريزات والتحديات المتوقعة والتي اثبت فيها المشاركين روح التعاون والمرح.

من الامور الممتعة في الربع الخالي بصورة عامة التخييم فوق كثبانه الرائعة وتحت سمائه الصافية بنجومها الساطعة التي يخيل للمرء انه يستطيع ملامستها لشدة وضوحها. امضت المجموعة وقت رائعا تلك الليلة مجتمعين حول شعلة نار متابدلين الحديث في شتى المواضيع وخصوصا ما يتعلق بالسيارات والمغامرات البرية.

صباح السبت وبعد تناول وجبة الافطار واصلت المجموعة طريقها بأتجاه الجنوب الغربي بهدف الوصول الى نقطة محددة مسبقا لتكون مرجعا لتحديد مسار الخروج من البر في نهاية الرحلة. هذا اليوم كان اكثر اثارة وتحد ليس فقط بسب ارتفاع الكثبان الرملية وتعقيداتها بل لإن المجموعة قسمت الى فريقين لإثارة روح المنافسة للوصول الى الهدف اسرع وبأقل المشاكل.

وبالفعل كان التنافس على اشده بين الفريقين مما بدى واضح من خلال طلب قائدي الفريقين من الاعضاء سرعة التحرك والمناورة. تخلل هذا اليوم بعض المشاكل البسيطة لكلا الفريقين، فعلى سبيل المثال احد المشاركين تعرض لخروج الاطار من الجنط لاكثر من مرة وآخر تعرض لتعليق سيارته على حافة الطعس وآخر ارتطم وجه سيارته بالارض عند نزوله من طعس مرتفع بسبب سرعته مما اثرعلى الصدام الامامي وحتى الرفارف لكن الحمد لله كلها امور تضل في اطار المعقول ولم تأثر على سلامة الاعضاء.

المنطقة التي سرنا فيها هذا اليوم يوجد بها جيوب رملية اكثر تعقيدا كما تخللها الكثير من الكثبان الرملية المرتفعة التي تطلب من المشاركين النزول منها. كما تخللها وديان رملية كبيرة غاية في الجمال ومناسبة لتخييم البدو حيث كان ذلك واضح من خلا وجود آثار للابل.

بحسب الخطة المرسومة من قبل قائد الرحلة واعتمادا على الخريطة استمر السير بأتجاه الجنوب الغربي حتى الوصول الى طرق ممهدة متجهة شمال-جنوب، اذ يتعين علينا استخدام احدها للخروج من البر وانهاء الرحلة. فهذه الطرق الممهدة تلتقي شمالا بطريق شيبة المعبد.

التقينا بأحد هذه الخطوط الممهدة ظهرا ولكن لوجود متسع من الوقت قررنا مواصلت السير جنوب غرب والاستمتاع بالقيادة في الرمال حتى الوصول الى الخط الممهد الاخر. بعد قرابة الساعة والنصف من القيادة وصلنا الى طريق ممهد آخر وحينها تقرر سلكه بأتجاه الشمال للوصول الى طريق شيبة المعبد. على الرغم ان الطريق ممهد لكن الرمال تغطي اجزاء كثيره منه ولذلك لم نشاء نفخ الاطارات حتى الوصول الى نهايته عند طريق شيبه الذي وصلناه الساعة 14:40، وبذلك انهينا مغامرة برية في احد اصعب المناطقة الرملية في الربع الخالي في منطقة شيبه

 

 

 

 






قائمة بجميع الرحلات