هذه الرحلة أو الكشتة تعد مثال قوي لصعوبة السيطرة و القيادة عندما يكون عدد المشاركين فيها مبالغ فيه إذ وصل العدد الى العشرون. الصعوبة في قيادة مجموعة بهذا العدد في رحلة تكون بارزة عندما يتخلل الرحلة بعض المشاكل التي تستدعي تغيير الوجهة أو ألاضطرار للتوقف لأصلاح أي خلل طارئ.
الرحلة كان مخطط لها الوصول الى أقصى شمال غرب الصمان على حدود حفر الباطن للتخييم في روضة يقال لها “أم عشر” بالقرب من هجرة تحمل نفس الاسم على طريق الشمال في منطقة حفر الباطن. المسافة بعيدة جدا و الوقت المخصص كان يومي نهاية الاسبوع و هذا احد الاخطاء خصوصا مع هذا العدد الكبير من المشاركين. أحداثية الموقع و صور الربيع في الروضة مستقاة من موقع مكشات و على هذا الاساس تم أعداد الرحلة من قبل قائدها.
أنطلقت المجموعة الساعة الثانية بعد الظهر يوم الاربعاء 1/مارس/2006 سالكين طريق عريعرة بأتجاه النعيرية و في الطريق حدث أول ضياع للوقت عندما انسلخ أحد إطارات سيارة قائد الرحلة فتوقفت كامل المجموعة لتبديل الإطار و من ثم التوقف في النعيرية ليلا لشراء إطار جديد احتياطي. لك أن تتخيل ما يحدث عند توقف موجموعة بهذا العدد … سوالف و نكات و قضاء حاجة و ما إلى ذلك.
بعد صلاة العشاء في النعيرية أنطلقت المجموعة سالكين الطريق المؤدي لحفر الباطن آخذة في الاعتبار البحث عن أنسب مكان للتخييم ليلا قبل الوصول لأم عشر. الجدير بالذكر أن ثلاثة مشاركين بسياراتهم كانوا يسحبون ثلاث عربات تحمل ثلاث دبابات بانشي لللهو بها أثناء الرحلة. لكن حدث ما لم يكن بالحسبان إذ انسلخ احد اطارات احد العربات المسحوبة و ما زاد الامر سوء هو عدم حمل إطار احتياطي للعربة من قبل صاحبها مما تسبب في تأخير مضاعف حيث أضطر الجميع للأنتظار ريثما يتم البحث عن اطار بنفس المقاس.
واصلت المجموعة طريقها في وقت متأخر ليلة الخميس سالكة الطريق المؤدي لفيضة أم عشر ثم تقرر التخييم شمال الخط إذ تبين بأنه رملي و فيه الكثير من الكشاته المخيمين. بحد تحديد الموقع أنزلت أغراض الرحلة و نصب المخيم و كان الوقت حينها الساعة الثانية صباح الخميس و علامات التعب واضحة على المشاركين. لكن من المفارقة ما قام به أصحاب دبابات البانشي إذ تركوا باقي المجموعة ينزلوا الاغراض و يعدوا المخيم و توجهوا للهو بالدبابات في جنح الظلام دون أي إعتبار حتى للكشاتة النائمون في ذلك الوقت و مدى الازعاج الذي تسببه الدبابات.
استيقضت المجموعة صباح الخميس و تفاجأت بكثرة الكشاته وجمال المكان إذ تكسوه رمال الدهناء الحمراء مع وجود الكثير من الاعشاب البرية و بعض الزهور. بعد تناول الافطار و جمع أغراض الرحلة واصلت المجموعة طريقها بأتجاه أم عشر إعتمادا على الاحداثية من موقع مكشات. أغلب الطريق من مكان التخييم ليلة الخميس الى هجرة أم عشر تكسوه الاعشاب على جانبيه كما تكتسي مساحات كبيرة بزهور الخزامى ذات اللون البنفسجي و الرائحة الزكية.
بعد النزول من الخط بأتجاه فياض و خباري و رياض منطقة أم عشر و بأتجاه الاحداثية تبين أن تلك الاحداثية ما هي الا منطقة جرداء لا خضرة فيها على الرغم من وجودها في منطقة أم عشر. أثناء البحث المضني عن تلك الاحداثية التي يفترض أنها لفيضة أم عشر شاهدنا الكثير من المناطق الخضراء و الكثير من الكشاته لكن لم يرق لنا أي منها مما زاد من خيبة الامل.
البحث عن روضة أم عشر استغرق وقتا طويلا خصوصا مع وجود هذا العدد الكبير من المشاركين و كثرة الآراء و هذا العدد الكبير من السيارات و زاد الامر سوء و تأخيرا حينما انكسرت إحدى العربات التي تنقل احد دبابات البانشي بسبب المطبات. بعد اصلاح العربة و بعد مشاورات مطولة بين المشاركين تقرر البحث عن أنسب مكان للتخييم لكسب الوقت لأنتصاف نهار الخميس و أنقاذ ما يمكن انقاذه من هذه الرحلة.
سلكت المجموعة طريق العودة الى أن انتصف الطريق بين حفر الباطن و النعيرية و لم يستقر أحد على مكان للتخييم حتى شارف نهار الخميس على ألانتهاء حينها تقرر و بصورة حاسمة التوقف و التخييم في تلك المسطحات التي يكسوها العشب على جانب الطريق لتدارك ما تبقى من وقت الرحلة الذي إنقضي اغلبه في القيادة فضلا عن الجهد و التعب اللذان ظهرا على أعضاء الرحلة وبدا على تصرفاتهم. الساعة الرابعة عصرا تم إختيار المكان المناسب والذي لا يبعد كثيرا عن الخط الرئيسي و تم تنزيل اغراض الرحلة و على الخصوص ما يتعلق بالطبخ لأعداد وجبة الغداء لأن الجوع أخذ من المشاركين أيما مأخذ. أثناء تنزيل أغراض الرحلة أرسلت فرقة لشراء خروف من أحد الرعاة و الذيين لحسن الحظ كانوا متوفرين في تلك المنطقة لوجود الكشاتة.
الجدير بالذكر تلك المسطحات الخضراء عبارة عن أرض مستوية و كبيرة جدا و هي جزء من مسطح الدبدبة المستوي الشاسع و يمثل دلتا وادي الرمة، راجع مقال شبه الجزيرة العربية. فبعد هطول الامطار تكتسي تلك المسطحات بحلة من العشب الأخضر يحولها الى مروج خضراء و محطة جذب للكشاته و رعاة الابل و الاغنام أيام الشتاء.
لم ينتهي أعداد الوجبة و تناولها الا بعد صلاة المغرب عند الساعة الثامنة و النصف ليلة الجمعة و لذا صح تسميتها “غشاء”. بعد الغشاء و بعد عناء النهار أمضت المجموعة تلك الليلة في سمرة و فلة حجاج حول النار و شرب الشاي و القهوة و تبادل اطراف الحديث بما فيها ماحدث أثناء النهار من مشاكل و أخطاء. من حسنات ما حدث أثناء النهار من تأخير و جهد هو المشاركة الفاعلة و الواضحة من الجميع لإعداد وجبة الغشاء بسبب الجوع.
صباح الجمعة و بعد الافطار انشغل البعض باللهو بدبابات البانجي و البعض الآخر بشراء مايلزم لغداء الجمعة بما فيها الذبيحة. بمجرد أكل الغداء يوم الجمعة حتى هب الجميع بجمع أغراض الرحلة و ما أن جائت الساعة الثانية بعد الظهر حتى انطلقت السيارات و كأنها في سباق مع الزمن متجهة للديار لعلمهم بطول طريق العودة.
لم تكن هذه الكشتة بالمستوى الذي كان يطمح إليه قائدها على ألاقل لكن الدروس و العبر التي تحصل عليها الجميع و المناطق الجديدة التي شوهدت كفيلة بأن تجعلها كشتة فريدة من نوعها.
Leave a Reply