للحديث عن الصمان وقع ذو شجون في صدور الكشاته ومحبي التخييم. فما ان تذكر منطقة الصمان حتى ترتسم في مخيلتهم تلك الخباري والفياض والريضان ,المليئة بأشجار السدر والطلح, وهي مكتسية بحلة خضراء من الاعشاب والحشائش والعديد من الزهور البرية كالخزامى والبابونج والنفل
فعلى الرغم من وعورة المنطقة وتضاريسها الصخرية، الا ان بها العديد من المنخفضات التى تشكل مصبا لمياه الامطار والسيول في المواسم الماطرة. وما ان تبدأ تلك المياه في المنخفضات بالجفاف حتى تتحول المنخفضات الى مسطحات خضراء تفوح منها شتى انواع الزهور البرية إضافة الى عودة الاشجار الصحراوية للحياة واخضرارها. حينها تدب الحياة في كافة ارجاء الصمان ويشاهد ذلك من خلال كثرة الإبل والاغنام التي تجوب المنطقة بحثا عن أفضل الاماكن واوفرها خضرة للرعي
من الاماكن المحببة لنا ككشاته ومحبين للتخييم في الصمان فيضة شهيرة يقال لها أم المصران سبق وان كشتنا فيها عدة مرات قبل سنوات وكانت رائعة لوفرة عشبها وكثرة اشجار السدر وكان يؤمها العديد من الكشاته
لحسن الحظ كانت لنا فرصة للتخييم في فيضة أم المصران ضمن رحلة تخييم في الصمان في هذا الموسم بعد هطول كمية لا بأس بها من الامطار وبعد مشاهدة بعض الصور للفيضة تؤكد انها ربعت واخضرت
بداية الرحلة كانت صباح الاربعاء الحادي والثلاثون من يناير 2024 وكان الدخول للبر من الونان مرورا بالعيينة والقليب ثم الفهدة الطريق البري من الفهدة حتى فيضة ام المصران يقارب الستون كيلومتر متوسط الى قليل الوعورة واستغرق ساعتان ونصف مع استراحة نصف ساعة للقهوة. كانت الاجواء رائعة متوسطة البرودة مع رياح متوسطة السرعة واجواء غائمة
وصلنا فيضة أم المصران عصرا الساعة الثالثة والنصف وكانت المفاجأة التى تدمي القلب. فعلى الرغم من اخضرار الارض الا ان جميع اشجار السدر اصبحت اثرا بعد عين, مجرد اعواد يابسة لا يوجد بها اي اخضرار، هذا عدى كثرة الطرق التي تسلكها سيارات الكشاتة وتخييمهم داخل الفيضة مما ساهم في تقليل الرقعة الخضراء. ولا ننسى ايضا الرعي الجائر للابل والاغنام
أقمنا مخيمنا خارج الفيضة في اجواء غائمة رائعة مع اعتدال للبرودة وتساقط لرشات من المطر المتقطع. يوم الخميس كان بحق يوم تخييم بري اكثر من رائع اتاح لنا فرصة التصوير بجميع أنواعه والاستمتاع بالطبيعة البرية التي شملت رائحة الاعشاب والبابونج واصوات زقزقة طير ام سالم وصولا الى الاستمتاع بمشاهدة الابل والاغنام التي ترعى داخل الفيضة
اثناء جلوسنا لشرب الشاي والقهوة داخل الفيضة كان لنا فرصة الجلوس مع احد اصحاب الحلال الدائمين في فيضة أم المصران وتبادل اطراف الحديث معه. فعندما سألناه عن سبب موت جميع اشجار السدر في الفيضة، أخبرنا بأنه التقى قبل عدة سنوات بأحد الالمان المهتمين كان زائرا للفيضة مع احد المواطنين، فأخبرهم بأن بعض الحشرات تسهم في موت الاشجار اضافة الى كثرة الجرذان التي تحفر تحت الاشجار وتقطع عروق الشجر. لذلك يجب رش الاشجار بالمبيدات المناسبة ومكافحة الجرذان. ربما يكون ذلك صحيحا، لكن يضل الرعي الجائر احد الاسباب وهو ما يعارضه صاحب الحلال
غادرنا فيضة أم المصران بعد صلاة الظهر باتجاه هجرة العمانية لعلمي المسبق بأن نبات الخزامى يكثر في تلك النواحي كلما اقتربنا من الهجرة. المسافة من فيضة أم المصران الى العمانية قرابة 35 كم. عند الساعة 3:30 وبعد 11 كم من فيضة أم المصران قررنا التخييم في أفضل منطقة يوجد بها الخزامى وهي منطقة رملية مليئة بزهور الخزامى ورائحتها تملأ المكان ويوجد بها العديد من مخيمات البدو مع حلالهم
بعد التخييم، كان لنا نصيب من كرم أحد البدوان حيث جلب لنا حليب خلفات من نياقة والتي لم تبخل هي الاخرى علينا بالزيارة من خلال العبث بأغراضنا مما اضفى على تخيمنا الطابع البري الممتع
امضينا ليلة ممتعة نوعا ما على الرغم من اشتداد البرودة ونشاط الرياح لكن وبحسب الارصاد فقد كان لدينا علم بأن يوم الجمعة سوف تنشط الرياح وهذا ما حصل بالفعل. فبعد الافطار اشتدت الرياح مما حفز مغدرتنا سريعا باتجاه هجرة العمانية واستكمال رحلتنا
في الطريق الى العمانية شاهدنا الكثير من السهول التي تكسوها زهور الخزامى مما شجعنا للتوقف واخذ الصور والاستمتاع بتلك المناظر الخلابة
Leave a Reply