هذه الكشتة الثانية لنفس الفيضة في الصمان في غضون شهر مما يدلل على وفرة الربيع فيها و روعتها. كما ذكرنا سابقا في الكشتة الاولي، تقع فيضة أم سدر في منطقة السبسب بالصمان الواقعة إلى الغرب من الطريق المتجه شمالا من الأحساء الى النعيرية مرورا بعريعرة مقابل مدينة حنيذ. للمزيد عن الفيضة و منطقة السبسب و طبيعة الارض و دحل السبسب راجع رحلة (أم سدر/السبسب-فبراير-2007)
أنطلقت المجموعة المشاركة عصر الاربعاء لقضاء عطلة نهاية الاسبوع بين أحضان الطبيعة الصحراوية بأرض الصمان و الاستمتاع بالاجواء الشتوية بعد هطول الامطار و أكتساء اغلب فياض و خباري الصمان بالرداء الأخضر. فيضة أم سدر تعتبر من الفياض القريبة و مع ذلك اضطرت المجموعة للقياة ليلا لتأخر موعد الانطلاقة. من الظواهر الغريبة في هذه الرحلة و في أثناء القيادة ليلا هو حصول ثلاث بناجر لثلاث سيارات متتالية مما أخر موعد الوصول للفيضة أكثر. تغيير كفرات السيارات كان فرصة للتوقف و الاستمتاع و بأجواء ليل و سماء الصمان الصافية كما كانت فرصة للماشركين لتبادل الاحاديث و التعليقات.
من المشاركين في هذه الرحلة أشخاص لأول مرة يخرجون في كشته برية في منطقة الصمان و لحسن الحظ لم يخب ضنهم فقد استمتعوا بالمنطقة و جمال طبيعتها و كان ذلك واضحا عليهم من خلال مشاركتهم الفاعلة في الطبخ و الذبح و السلخ و حتى إختيار و شراء الذبيحة.
لم يكن بالأمكان التوقف عند دحل السبسب الواقع على طريق الفيضة لمرورنا به ليلا فقد واصلنا الطريق مباشرة للفيضة بعد إصلاح كفرات السيارات. لم يكتشف جمال المنطقة و مدى تربع (اخضرار) الارض خصوصا بالنسبة للكشاتة الجدد الا حين بزغ فجر الخميس و من خلال زقزقات طيور القوبع الذي يكثر في الصمان في هذه الاوقات، حينها ظهرت على محياهم علامات السرور و البهجة و الدهشة لما يشاهدونه من مسطحات خضراء في وسط صحراء طالما سمعوا بلهيب حرارتها و وعورة أرضها. أخذ الكشاته الجدد يتفحصون المنطقة مشيا على الاقدام و يتنفسون بعمق و كأنهم يستنشقون هواء بهذا النقاء لأول مرة.
لم يمضي وقت طويل حتى دبت الحياة في الجميع لأعداد وجبة الافطار و بعدها بدأ التفكير في وجبة الغداء و التحضير لشراء الذبيحة من أحد الرعاة المتجولين بالقرب من الفيضة و الذي تبين بأن عزبتهم على بعد دقائق بالسيارة من الفيضة. حينها قرر البعض ممن انيطت لهم مهمة شراء و ذبح و سلخ الذبيحة زيارة العزبة. إستقبل صاحب العزبة الوفد في خيمته و شرب معهم القهوة و أمضى بعض الوقت للحديث مع بعضهم فيما الباقي مشغول بذبح و سلخ الذبيحة.
كان من ضمن المشاركين الجدد شخص له خبرة و ذوق رفيع جدا في إعداد الطعام حيث كان ذلك واضحا في وجبة العشاء ليلة الجمعة. فقد احضر سمك سبيطي جاهز من كل شئ و ملفوف في القصدير و جاهز لوضعه على الجمر. كما كان من ضمن قائمة العشاء سلطة أقل ما يقال عنها بأنها خمس نجوم. لا يمكن لأحد أن يتصور بأن يأكل ذلك العشاء في فيضة في الصمان و تحت السماء و لكنه حصل!!!
بعد ذلك العشاء الرائع فاجئنا اثنان من المجموعة برغبتهم بالمغادرة لأرتباطات شخصية كما يدعون على الرغم من تأخر الوقت و مخاطرة القيادة بالليل في الصمان خصوصا عندما تكون سيارة واحدة، لكن تلك كانت رغبتهم و لا يمكن الوقوف ضدها. هذه طبعا من الامور الغير محببة في الكشتات البعيدة حين يقرر اي شخص و بصورة مفاجئة المغادرة ما لم يكن هنلك ظرف طارئ.
لم تؤثر مغادرة الشخصين على المشاركين فقد استمتعوا بسهرة ليلة الجمعة وفعاليات نهار الجمعة التي لم تخلوا من التجوال حول المنطقة لأشباع كل جوارحهم من تلك المشاهد الجميلة و استنشاق عبق الزهور البرية الى حين وقت المغادرة عصرا.
Leave a Reply