ويتجدد اللقاء بالربع الخالي من خلال رحلة استكشافية استمرت خمسة ايام من 20 الى 25 مارس 2013 لكشف المزيد من اسراره و التعرف على طبيعة ارضه و كثبانه. لقد حدد لهذه الرحلة ستة اهداف (مواقع) تقع في اكثر مناطق الربع الخالي وعورة و قسوة ما شكل تحد كبير للمشاركين البالغ عددهم سبعة افراد في سبع سيارات.
المواقع التي تم الوصول اليها كانت على النحو التالي:
*موقع البركان الطيني، وهو عبارة عن فوهة بركان طيني مسطحة الشكل بين الكثبان الرملية
*موقع قلمة الطرفاء ويقع شرق الربع الخالي بإتجاه الحدود العمانية وهي عبارة عن بئر ماء كبريتي حفر من قبل ارامكو منذ زمن بعيد ثم اغلق. لكن تسرب المياه منه بأتجاه السبخة شكل بحيرة ملحية
*موقع خور حميدان ويقع شرق الربع الخالي بالقرب من الحدود العمانية وهو عبارة عن بئر ماء طبيعي كما يقال بين الكثبان الرملية ويوجد حوله الكثير من الاعشاب و النباتات البرية على الرغم ان مياهه تجري في احد السبخات.
*موقع قلمة الضعيف شبيه بقلمة الطرفاء وهي عبارة عن بئر ماء كبريتي حفر من قبل ارامكو منذ زمن ثم اغلق لكن يبدو ان الماء اخذ بالتسرب منه ويجري بإتجاه احد السبخات ويوجد الكثير من الاعشاب حول البئر على عكس قلمة الطرفاء.
*موقع أعلى طعس رملي في الربع الخالي بحسب أحد الإحداثيات التي حصلنا عليها.
*موقع قلمة بيض اللحي، عبارة عن بئر ماء كبريتي يقع بين الكثبان الرملية حفر من قبل ارامكو يستخدمه البدو و يوجد حوله بعض اشجار النخيل والكثير من الاعشاب والنباتات البرية مشكلا واحة مصغرة في وسط الكثبان الرملية.
انطلقت المجموعة المشكلة من سبع سيارات يوم الاربعاء 19 مارس بعد الظهر في مجموعتين من الظهران والاحساء ليتم اللقاء ليلة الخميس في منطقة شبيطة الواقعة قبل شيبة في الربع الخالي للتزود بالوقد من المحطة الوحيدة فيها ومن ثم التخييم بين الكثبان الرملية على بعد خمسة كيلومترات الى الجنوب من المحطة.
صباح الخميس انطلقت المجموعه بإتجها الجنوب على طريق الكدان الممهد و لمسافة ستون كم ثم تم تخفيف الهواء لتبدأ المغامرة الفعليه بالقيادة فوق الكثبان الرمليه بإتجاه أول أهداف الرحله- موقع البركان الطيني الواقع جنوب شرق منطقة شيبة. الكثبان الرمليه في تلك المنطقة على الرغم من ارتفاعها المنخفض لكنها تشكل صعوبة في القيادة لتداخلها المعقد وكثرة الجيوب والمنخفضات الرمليه الناعمه مما يتطلب الكثير من الحذر في القيادة والمناوره لتجنب التغريز او حتى الانقلاب لا سمح الله. وصلت المجموعه للبركان الطيني الساعة 11:45 ولم يكن الكثير ليشاهد عدى التل الذي يشبه فوهة بركان. بعد قضاء فترة الغداء فوق التل البركاني واصلت المجموعه الطريق بإتجاه جنوب شرق للهدف الثاني المتمثل في قلمة الطرفاء حتى شارفت الشمس على المغيب لتتوقف المجموعه للتخييم. لم يخل هذا اليوم من الاحداث المثيره كالتغريز والتعليق فوق رؤوس الكثبان الرمليه لكنها تبقى ضمن المتوقع لصعوبتها. كما خفف من عناء القياده في هذا اليوم وجود الغيوم المتقطعة والقليل من رش المطر ما اضفى مسحه جمالية للكثبان الرمليه.
صباح الجمعة ثاني ايام الرحله واصلت المجموعة طريقها بإتجاه قلمة الطرفاء، فبعد قضاء الفتره الصباحيه في تلك الكثبان المعقده بدأت بعدها مرحلة اصعب وهي القيادة فوق كثبان رملية شديدة الارتفاع و متعرجة المسار و متراكبة، ثم النزول منها للوصول الى السبخات والسير في تلك السبخات لإانتقال الى الكثبان الرملية التالية وتكرير نفس السناريو حتى قرابة الساعه الثانيه ظهراً. حينها تم نفخ الإطارات مجدداً لأن ما تبقى من طريق قلمة الطرفاء اغلبه سبخات يمكن السير عليه بسرعة دون الحاجه لتخفيف الهواء. قد يصل طول بعض السبخات عشرات الكيلومترات وبعضها متصل بالآخر ولا يفصلهما سوى تلال رملية بسيطة يسهل العبور من خلالها دون الحاجه لتخفيف الهواء.
السير فوق السبخات شكل تحدٍ من نوع آخر إذ المشاهد لتلك السبخات يظن للوهلة الأولى بأنها أرض ترابية صلبة لكن ما أن تطأ عليها عجلات السيارات حتى تغوص ما يقارب 30 سم في أغلب الأحيان مثيرة بذلك هالة من الغبار قد تمتد لمئات الامتار مما يستدعي السير بسرعة لتجنب التغريز. وصلت المجموعة لقلمة الطرفاء الساعة الرابعة عصرا ليتحقق ثاني اهداف الرحلة.
تقع قلمة الطرفاء في أحد السبخات التي تحيط بها الكثبان الرملية من الشمال والجنوب ومياهها تجري في تلك السبخة مشكلة ما يشبه البحيرة المغطاة بالأملاح ولا وجود لآثار زرع لإرتفاع نسبة الكبريت والاملاح في هذه المياه ومع ذلك فأن تلك السبخات تشكل منظر خلاب في تلك الصحراء القاحلة والمحاطة بالكثبان الرملية الزاهية. بعد قضاء مايقارب الساعة في موقع قلمة الطرفاء غادرت المجموعة بإتجاه الهدف الثالث وهو خور حميدان القريب من الحدود العمانيه إذ إستمر السير ليلاً ليس فقط لسهولة الطريق على الرغم من مروره بين كثبان رمليه بسيطة لكن للإلتزام بجدول الرحله الهادف للوصول لموقع تخييم خور حميدان بنهاية يوم الجمعه.
صباح السبت ثالث أيام الرحلهإاستيقضت المجموعه في موقع تخييم خور حميدان وتوجهت للخور الذي يبعد بضع مئات من الأمتار من أجل السباحة فيه وإلتقاط الصور التذكاريه. الخور عباره عن بئر ماء طبيعي به نسبه من الكبريت يستعمله البدو في تلك المنطقة وجزء من مياهه تجري بين الكثبان الرمليه مشكلة بحيرات صغيره تحيط بها بعض الأشجار والنخيل والنباتات البريه راسمة لوحة فنيه رائهة تتمازج فيها خضرة النباتات بحمرة الكثبان الرمليه وزرقة المياه. يحيط بخور حميدان الكثير من السبخات الوعره جداً التي تشكل صعوبة في المشي عليها راجلا كما ان الاملاح واضحة بجلاء فوق تلك السبخات كما أن الكثبان الرمليه في منطقة خور حميدان تتميز بأشكالها النجميه والشاهقة الإرتفاع ذات الحمرة الشديده والمنفصله في أغلبها عن بعض. بعد السباحه والتصوير غادرت المجموعة خور حميدان بإتجاه الهدف الرابع وهو قلمة الضعيِّف من خلال السبخات التي لم تتطلب تخفيف هواء الإطارات.
من الواضح أن الطريق من خور حميدان ألى قلمة الضعيِّف مستخدم من قبل البدو في تلك المناطق لكثرة آثار السيارات وجزء كبير منه شبه ممهد كما لاحضنا بعض اللواحات الصغيرة التي ترشد الى منطقة زعبلوتن الحدوديه مع عُمان. المسافة من خور حميدان إلى قلمة الضعيِّف تقارب المئة كم لكن لوجود الطريق فوق السبخات استغرق الوصول الى قلمة الضعيِّف قرابة الساعتين فقط، وهذا وقت قياسي لقطع تلك المسافه في الربع الخالي.
قلمة الضعيِّف من الآبار التي حفرتها ارامكو في الربع الخالي في أحد السبخات منذ زمن لكنها أغلقت ولكن يوجد بها تسريب ماء تسبب في نشوء بحيهة مائيةه نبتت حولها بعض الأعشاب. بعد التجول حول القلمه وأخذ الصور التذكاريه غادرت المجموعه حوالي الساعة الواحده والنصف بإتجاه الهدف الخامس وهو أعلى طعس رملي في الربع الخالي والذي تطلب تخفيف هواء الإطارات لبدأ مرحلة أخرى من القياده فوق الكثبان الرملية.
الوصول إلى ما يعتبر أعلى طعس رملي بحسب الإحداثيه التي لدينا تطلب الكثير من التنقل فوق الكثبان الرمليه المرتفعه لكن لم يتبين لنا بأن تلك الاحداثيه تدل بالفعل على إنها لأعلى طعس رملي لوجود كثبان رمليه أكثر إرتفاعاً ولذا أمضت المجموعه ما تبقى من نهار السبت في الإستمتاع بالتطعيس في تلك الكثبان الرمليه المرتفعه ذات الالوان الزاهيه والتشكيلات الهندسية الرائعه ومن ثم البحث عن موقع للتخييم فوق أعلى طعس تمكنا من الوصول إليه بالسيارات.
إستيقضت المجموعة صباح الأحد رابع أيام الرحله على سماء ملبدةٍ بالغيوم وزخاتٍ من المطر في أروع أجواء يمكن مشاهدتها في الربع الخالي لتواصل طريقها بإتجاه قلمة بيض اللحي. على الرغم من روعة هذا اليوم لكن تخلله بعض المنغصات المتمثله في بنشر إطار سيارة قائد الرحله مرتين ولحسن الحظ كان بالإمكان اصلاحها في نفس المكان.
وصلت المجموعه قلمة بيض اللحي قرابة ظهر يوم الاحد وهي عباره عن بئر ماء يستخدمه البدو لسقاية الابل ولإستخداماتهم الشخصيه وهو بئر عميق حار وبه نسبة من الكبريت ويقع في منطقة منخفضه تحيط بها الكثبان الرمليه. كما يوجد حوله بعض الأ عشاب والنخيل مشكلة واحه مصغره خضراء في أزها منظر تراه العين في وسط الصحراء. إستغل أعضاء الرحله تلك الاجواء الرائعه واستمتعوا بأخذ حمام ساخن في تلك المياه الكبريتيه تحت سماء ملبده بالغيوم لتخفيف عناء القياده. بعد أن تناول الجميع طعام الغداء وأداء صلاة الظهرين غادرت المجموعه القلمة الساعة الثالثه عصراً و التي كانت آخر أهداف الرحله لتسلك طريق العوده بإتجاه شبيطه.
إستمر السير في طريق العود÷ حتى شارف نهار الأحد على الإنتتهاء والذي تخلله بنشر سيارة أحد المشاركين ليتوقف الجميع لإصلاحه ومن ثم بدأ البحث عن موقع تخييم الليلة الاخيره. كانت الأجواء تلك الليله رائعه والسماء ملبده بغيوم متقطعة ولكن وبصوره مفاجئه هبت عاصفة رمليه شديده في الساعات الأولى للفجر مما تسبب في تطاير أمتعة المشاركين وخيامهم. بعدها بدأ هطول الأمطار بصورة متوسطه صباح الأثنين خامس أيام الرحله مما عجل في مغادرة المجموعه بإتجاه شبيطه في أجواء أكثر من رائعه بحيث بد ألكثبان الرملية تحت رش المطر في حالة سكون وكأن وحيا يتنزل عليها من السماء.
إستمر هطول المطر طيلة الطريق حتى وصول المجموعه للنقطة المستهدفه على طريق الكدان الموصل لشبيطة. حينها تم نفخ الإطارات للإنطلاق نحو شبيطه على طريق الكدان الممتد كالخيط الابيض بين الكثبان الرملية الحمراء ولمسافة 140 كم لتنهي المجموعه خمسة أيام من المغامرة والإستكشاف للجزء الجنوبي الشرقي لصحراء الربع الخالي المحاذي للحدود العمانية قاطعة مسافة 1037 كم متنقلة بين كثبان وسهول رملية وسبخات.