مهما بلغت دقة التخطيط وحسن الاستعداد لاي رحلة او كشته، فلابد من حدوث بعض المنغصات خصوصا تلك الخارجة عن الارادة والمتعلقة بالأقدار وليست قصورا في القائمين على الرحلة
لكن حين النظر بإيجابية لتلك المنغصات فأنها احيانا تصبح العنوان الابرز لتلك الرحلة وتجعلها أكثر رسوخا في الذاكرة كرحلتي البحرية الاخيرة لرأس بو قميص
منطقة رأس بو قميص تعتبر منطقة حدودية ويوجد بها مركز خفر سواحل لكن يسمح للمتنزهين بالوصول اليها بعد الحصول على ترخيص عند البوابة. تتميز المنطقة بتضاريسها الصخرية ذات الالوان المتعددة اضافة الى بعض المرتفعات والهضاب المطلة على البحر. كما ان مياه المنطقة تعتبر نظيفة وصافية وتكثر بها الاسماك مما جعلها محجة لهواة صيد السمك
آخر زيارة لي لرأس ابو قميص كانت قبل عشر سنوات او أكثر حيث كانت لي صولات وجولات في صيد السمك(الهوامير) بمسدسات الهواء وبعد ذلك اصبح اهتمامي بالرحلات البرية اكثر
في الخامس عشر من شهر مارس قررت القيام برحلة فردية على ان تكون بحرية نظرا لعدم استقرار الاجواء وارتفاع درجات الحرارة فكانت الوجهة رأس ابو قميص
تم الترتيب للرحلة على أكمل وجه وخصوصا ما يلزم للصيد بالسنارة، لكن ابت الاقدار الا ان يكون لها رأي في مجريات الرحلة بفرضها اول المنغصات. ففي صباح يوم الانطلاقة الساعة السادسة كانت الاجواء ضبابية جدا والرؤيا لا تتجاوز الخمسون مترا لأغلب الطريق من الاحساء الى سلوى واقصى حد للقيادة بسرعة آمنة كانت 80 كم/س
بعد سلوى انكشف الضباب واصبحت الاجواء مؤاتية لمواصلة الطريق الى رأس ابو قميص الذي وصلته الساعة العاشرة صباحا. بعد التوقف لإنهاء اجراء الترخيص عند البوابة اكملت الطريق باتجاه أحد المواقع المناسبة ذو اطلالة صخرية جميلة على البحر لكن سائني كمية الاوساخ المتناثرة في الموقع والتي لا شأن للأقدار فيها، انما هو الاهمال وقلة الوعي لبعض المتنزهين هداهم الله وهذا احد المنغصات ايضا
بعد اختيار أفضل مساحة في الموقع وازاحة بعض الاوساخ جانبا تم فتح مظلة السيارة للجلوس تحتها وتنزيل ما يلزم لأعداد وجبة الغداء كما تم نشر اللوح الشمسي للحصول على مصدر طاقة للبطارية الثانية لاستمرار عمل الثلاجة اثناء التوقف المطول لهذا النوع من الرحلات، فقد اثبت فعاليته
اما فيما يخص الصيد، فقد تم اعداد السنارة وتجهيزها بمجرد اختيار الموقع املا في اصطياد ما يجود به البحر ليصبح وجبة للغداء … لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
لو لم يكن الهدف الرئيسي للرحلة هو الكشته والترفيه، وان الصيد مجرد تسلية وتحصيل حاصل، لكان الاحباط عنوان لهذه الرحلة. فمنذ الساعة الحادية عشر صباحا حتى الثانية عشر مساء لم تتكلل محاولاتي في صيد شيء يطلق عليه “سمكة”. وما يزيد الامر غرابة هو ان الطعم لم يأكل وكأن البحر يخلو من اي كائن اسمه “سمكة”
كل ما امكن اصطياده ثلاثة سرطانات، اثنان منهم تخلصوا من الخيط بمجرد وصولهم عندي وكأنهم يطلبون توصيل مجاني للساحل دون ابداء حتى كلمة شكرا. اما الثالث فقد كان أكثر تأدبا اذ منحني متعة تخليصه من الخيط
على الرغم من عدم التوفيق في الصيد وهذا أحد المنغصات, الا ان الاجواء كانت رائعة وهادئة خصوصا ليلا على ضوء القمر ولم يكسر ذلك الهدوء سوى موج البحر عازفا احلى سمفونية
كان من ضمن الخطة لليوم الثاني تغيير الموقع لعلي اوفق في الصيد مع احتمالية المبيت ليلة اخرى والاستمتاع بأجواء جميلة مشابهة، لكن حدث مالم يكن متوقع. فمع ساعات الصباح الاولى وبعد الافطار بدأت سرعة الرياح في الاشتداد وهذا بدوره ساعد في تقليل فرص الصيد حتى مع تغيير المواقع الى ثاني وثالث مع شهرتهم بفرص الصيد الجيدة بحسب ما سمعت
استمرت الرياح في الاشتداد مثيرة للغبار والاتربة دون جدوى للصيد ولم يعد الوضع يحتمل، حينها قررت المغادرة والغاء فكرة المبيت ليلة اخرى
لكن الأسواء فيما يخص الرياح ما حدث في الطريق من رأس بو قميص الى الاحساء وهو اسواء المنغصات، فقد زادت شدتها مثيرة للرمال مما جعل قيادة السيارة صعبة جدا ان لم تكن مستحيلة. اقصى سرعة آمنة ممكنة كانت 80 كم/س ومع ذلك لم تسلم السيارة من التأثر من ذلك العج
على الرغم من تلك المنغصات الا انها تضل طبيعية ويجب الا تشكل عائق في القيام برحلات مماثلة لأنه لا طعم للحياة دون تحديات ومصاعب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خلال الصور الجميلة لكشتكم الى ابوقميص نجد انها رحلة مميزة و ان لم يحالفكم الحظ للصيد
و أيضا مرت عليك الفصول الاربعة خلال هذه الكشته هههه
تمنياتي لكم بزيارة أخرى الى هذا الموقع اللذي يهوه القلب لجمل طبيعته و نقاء ومياه وجمال شواطئه
عليكم السلام
اشكر تفاعلك وتعليقك
بالفعل هذا المكان يضل جميل ويستاهل العنوة
واتمنى من كل قلبي ان يهتم المتنزهين بنظافة المكان
تحياتي
اهنيك يا بو أحمد. قليلون هم من يعشقون الطبيعة بكل ما تجود به. صعوباتها هي مثل رخائها من سنخها ليس فيه مشاعر تجاهنا. هذا طبعها و ليس تطبعها.
هناك الكثير من الأوربيين من يطارد عين العاصفة و يتحدى نفسه للتخييم و التصوير في وسطها و هناك من يتحدى نفسه لصعود جبالها الشاهقة. المتعة في حين التعامل معها. اسلوب راقي في الكتابة و ذوق و احتراف في التصوير.
حياك الله اخي ابا سلمان ويسعدني مرورك وتعليقك على الموضوع. لا شك أن التحديات ومواجهة الصعاب
تعتبر من اهم عوامل صقل المواهب
شكرا على الإطراء، فهذا بعض مما عندكم
تحياتي